فالشرط إذا وقع على قسمين فلا بد لهما من لفظين وهما إن ولو، واختصت إن بالشكوك، ولو بمعلوم لأمر بيناه في موضع آخر لكن ما علم عدم يكون الآخر فقد أثبت منه فهو ماض أو في حكمه لأن العلم بالأمور يكون بعد وقوعها وما يشك فيه فهو مستقبل أو في معناه لأننا نشك في الأمور المستقبلة أنها تكون أولا تكون والماضي خرج عن التردد، وإذا ثبت هذا، فنقول : لما دخل لو على الماضي وما اختلف آخر بالعامل لم يتبين فيه إعراب، وإن لما دخل على المستقبل بان فيه الإعراب، ثم إن الجزاء على حسب الشرط وكان الجزاء في باب لو ماضياً فلم يتبين فيه الحال ولا سكون، فيضاف له حرف يدل على خروجه عن كونه جملة ودخوله في كونه جزء جملة، إذا ثبت هذا فنقول : عندما يكون الجزاء ظاهراً يستغني عن الحرف الصارف، لكن كون الماء المذكور في الآية، وهو الماء المشروب المنزل من المزن أجاجاً ليس أمراً واقعاً يظن أنه خبر مستقل، ويقويه أنه تعالى يقول :﴿جعلناه أُجَاجاً﴾ على طريقة الإخبار والحرث والزرع كثيراً ما وقع كونه حطاماً فلو قال : جعلناه حطاماً، كان يتوهم منه الإخبار فقال هناك :﴿لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ﴾ ليخرجه عما هو صالح له في الواقع، وهو الحطامية وقال الماء المنزل المشروب من المزن جعلناه أجاجاً لأنه لا يتوهم ذلك فاستغنى عن اللام، وفيه لطيفة : أخرى نحوية، وهي أن في القرآن إسقاط اللام عن جزاء لو حيث كانت لو داخلة على مستقبل لفظاً، وأما إذا كان ما دخل عليه لو ماضياً، وكان الجزاء موجباً فلا كما في قوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon