ويحتمل عندي أن يختلف معناهما فيكون أمنى إذا أنزل عن جماع، ومني إذا عن احتلام.
وفي تسمية المني منياً وجهان :
أحدهما : لإمنائه وهو إراقته.
الثاني : لتقديره ومنه المناء الذي يوزن به فإنه مقدار لذلك فكذلك المني مقدار صحيح لتصوير الخلقة.
﴿ ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : أي نحن خلقنا من المني المهين بشراً سوياً، فيكون ذلك خارجاً مخرج الإمتنان.
الثاني : أننا خلقنا مما شاهدتموه من المني بشراً فنحن على خلق ما غاب من إعادتكم أقدر، فيكون ذلك خارجاً مخرج البرهان، لأنهم على الوجه الأول معترفون، وعلى الوجه الثاني منكرون.
﴿ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمْ الْمَوْتَ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : قضينا عليكم بالموت.
الثاني : كتبنا عليكم الموت.
الثالث : سوينا بينكم الموت.
فإذا قيل بالوجه الأول بمعنى قضى ففيه وجهان :
أحدهما قضى بالفناء ثم الجزاء.
الثاني : ليخلف الأبناء الآباء.
وإذا قيل بالوجه الثاني أنه بمعنى كتبنا ففيه وجهان :
أحدهما : كتبنا مقداره فلا يزيد ولا ينقص، قاله ابن عيسى.
الثاني : كتبنا وقته فلا يتقدم عليه ولا يتأخر، قاله مجاهد.
وإذا قيل بالوجه الثالث أنه بمعنى سوينا ففيه وجهان :
أحدهما : سوينا بين المطيع والعاصي.
الثاني : سوينا بين أهل السماء وأهل الأرض، قاله الضحاك.
﴿ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : وما نحن بمسبوقين على ما قدرنا بينكم الموت حتى لا تموتوا.
الثاني : وما نحن بمسبوقين على أن تزيدوا في مقداره وتؤخروه عن وقته.
والوجه الثاني : أنه ابتداء كلام يتصل به ما بعده من قوله تعالى :﴿ عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئِكُم فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ فعلىهذا في تأويله وجهان :
أحدهما : لما لم نسبق إلى خلق غيركم كذلك لا نعجز عن تغيير أحوالكم بعد موتكم.