قوله تعالى :﴿ ما أصحابُ المَيْمَنة ﴾ قال الفراء : عجَّب نبيَّه ﷺ منهم ؛ والمعنى : أيُّ شيء هُمْ؟! قال الزجاج : وهذا اللفظ في العربية مجراه مجرى التعجب، ومجراه من الله عز وجل في مخاطبة العباد ما يعظم به الشأن عندهم، ومثلُه :﴿ ما الحاقّة ﴾ [ الحاقة : ٢ ] ﴿ ما القارعة ﴾ [ القارعة : ٢ ] ؛ قال ابن قتيبة : ومثلُه أن يقول : زَيدٌ ما زَيدٌ! أي : أيُّ رجُل هو! ﴿ وأصحابُ المشأمة ما أصحابُ المشأمة ﴾ [ أي : أصحاب ] الشمال، والعرب تسمِّي اليدَ اليسرى : الشُّؤمَى، والجانبَ الأيسر : الأشأم، ومنه قيل : اليُمْن والشُّؤم، فاليُمْن : كأنه [ ما ] جاء عن اليمين، والشؤم [ ما جاء ] عن الشمال، ومنه سمِّيت "اليَمَن" و"الشّأم" لأنها عن يمين الكعبة وشمالها.
قال المفسرون : أصحاب الميمنة : هم الذين يؤخذ بهم ذات اليمين، ويعطَون كتبهم بأيمانهم ؛ وتفسير أصحاب المشأمة على ضد تفسير أصحاب الميمنة سواء ؛ والمعنى : أيُّ قوم هم؟! ماذا أُعِدَّ لهم من العذاب؟!.
قوله تعالى :﴿ والسابقون السابقون ﴾ فيهم خمسة أقوال.
أحدها : أنهم السابقون إلى الإيمان من كل أُمَّة، قاله الحسن، وقتادة.
والثاني : أنهم الذين صلّوا [ إلى ] القِبلتين، قاله ابن سيرين.
والثالث : أهل القرآن، قاله كعب.
والرابع : الأنبياء، قاله محمد بن كعب.
والخامس : السابقون إلى المساجد وإلى الخروج في سبيل الله، قاله عثمان بن أبي سودة.
وفي إِعادة ذِكْرهم قولان.
أحدهما : أن ذلك للتوكيد.
والثاني : أن المعنى : السابقون إلى طاعة الله هم السابقون إلى رحمة الله ذكرهما الزجاج.
قوله تعالى :﴿ أولئك المقرَّبون ﴾ قال أبو سليمان الدمشقي : يعني عند الله في ظل عرشه وجواره.
قوله تعالى :﴿ ثُلَّة من الأوَّلين ﴾ الثُلَّة : الجماعة غير محصورة العدد.
وفي الأوَّلين والآخِرين هاهنا ثلاثة أقوال.


الصفحة التالية
Icon