وَزَجَّجْنَ الْحَواجِبَ والعُيُونا
قال : والعَيْنُ لا تُزَجَّج إنما تُكَحَّل، فردَّها على الحاجب لأن المعنى يُعْرَف، وأنشدني آخر :
ولَقِيتُ زَوْجَكِ في الوغى...
متقلَّداً سَيْفاً ورُمْحاً
وأنشدني آخر :
عَلَفْتُها تِبْناً وماءً بارداً...
والماء لا يُعْلَف وإِنما يُشْرَب، فجعله تابعاً للتِّبن ؛ قال الفراء : وهذا هو وجه قراءة من قرأ، "وحُورٍ عِينٍ" بالخفض، لإتباع آخر الكلام أوَّله، وهو وجه العربيَّة.
وقد شرحنا معنى قوله :﴿ وأصحابُ اليمين ﴾ في قوله :﴿ فأصحاب الميمنة ﴾ [ الواقعة : ٩ ] وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه قال : أصحاب اليمين : أطفال المؤمنين.
قوله تعالى :﴿ في سِدْرٍ مخضود ﴾ سبب نزولها أن المسلمين نظروا إلى وَجٍّ، وهو وادٍ بالطائف مخصبٌ.
فأعجبهم سِدْرُه، فقالوا : يا ليت لنا مثل هذا؟ فنزلت هذه الآية، قاله أبو العالية، والضحاك.
وفي المخضود ثلاثة أقوال.
أحدها : أنه الذي لا شَوْكَ فيه، رواه أبو طلحة عن ابن عباس، وبه قال عكرمة، وقسامة بن زهير.
قال ابن قتيبة : كأنه خُضِدَ شوكُه، أي : قلع، ومنه " قول النبي ﷺ في المدينة :"لا يُخْضَدُ شوكُها" ".
والثاني : أنه المُوقَر حملاً، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، والضحاك.
والثالث : أنه المُوقَر الذي لا شوك فيه، ذكره قتادة.
وفي الطَّلْح قولان.
أحدهما : أنه الموز، قاله عليّ، وابن عباس، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، والحسن، وعطاء، وعكرمة، ومجاهد، وقتادة.
والثاني : أنه شجر عظام كبار الشوك، قال أبو عبيدة : هذا هو الطَّلْح عند العرب، قال الحادي :
بَشَّرَها دليلُها وقالا...
غَداً تَرَيْنَ الطَّلْحَ والجِبالا
فإن قيل : ما الفائدة في الطَّلْح؟
فالجواب أن له نَوْراً وريحاً طيِّبة، فقد وعدهم ما يعرفون ويميلون إليه، وإن لم يقع التساوي بينه وبين ما في الدنيا.