والثاني : تنظرون إلى الإنسان في تلك الحالة، ولا تملكون له شيئاً ﴿ ونحن أقرب إليه منكم ﴾ فيه قولان.
أحدهما : ملك الموت أدنى إليه من أهله ﴿ ولكن لا تبصرون ﴾ الملائكة، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني : ونحن أقرب إليه منكم بالعلم والقدرة والرؤية ﴿ ولكن لا تبصرون ﴾ أي : لا تعلمون، والخطاب للكفار، ذكره الواحدي.
قوله تعالى :﴿ غير مدينين ﴾ فيه خمسة أقوال.
أحدها : محاسبين، رواه الضحاك عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وابن جبير، وعطاء، وعكرمة.
والثاني : موقنين، قاله مجاهد.
والثالث : مبعوثين، قاله قتادة.
والرابع : مجزيين.
ومنه يقال : دنِته، وكما تدين تدان، قاله أبو عبيدة.
والخامس : مملوكين أذَّلاء من قولك : دِنت له بالطاعة، قاله ابن قتيبة.
قوله تعالى :﴿ ترجعونها ﴾ أي : تردُّون النَّفْس.
والمعنى : إن جحدتم الإله الذي يحاسبكم ويجازيكم، فهلاَّ تردُّون هذه النَّفْس؟! فإذا لم يمكنكم ذلك، فاعلموا أن الأمر لغيركم.
قال الفراء : وقوله تعالى :﴿ ترجعونها ﴾ هو جواب لقوله تعالى :﴿ فلولا إِذا بلغت الحلقوم ﴾ ولقوله تعالى :﴿ فلولا إن كنتم غير مدينين ﴾ فإنهما أجيبتا بجواب واحد.
ومثله قوله تعالى :﴿ فإما يأتينّكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ﴾ [ البقرة : ٣٨ ] ثم ذكر طبقات الخلق عند الموت فقال تعالى :﴿ فأما إِن كان ﴾ يعني : الذي بلغت نَفْسه الحلقوم ﴿ من المقربين ﴾ عند الله.
قال أبو العالية : هم السابقون ﴿ فَرَوْحٌ ﴾ أي : فَلَهُ رَوْحٌ.
والجمهور يفتحون الراء.
وفي معناها ستة أقوال.
أحدها : الفرح، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.
والثاني : الراحة، رواه أبو طلحة عن ابن عباس.
والثالث : المغفرة والرحمة، رواه العوفي عن ابن عباس.
والرابع : الجنة، قاله مجاهد.
والخامس : رَوْحٌ من الغَمّ الذي كانوا فيه، قاله محمد بن كعب.
والسادس : رَوْح في القبر، أي : طيب نسيم، قاله ابن قتيبة.


الصفحة التالية
Icon