﴿ فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ﴾، قال الزمخشري : ترتيب الآية : فلولا ترجعونها إذا بلغت الحلقوم إن كنتم غير مدينين، فلولا الثانية مكررة للتوكيد، والضمير في ترجعونها للنفس.
وقال ابن عطية : توقيف على موضع عجز يقتضي النظر فيه أن الله مالك كل شيء.
﴿ وأنتم ﴾ : إشارة إلى جميع البشر، ﴿ حينئذ ﴾ : حين إذ بلغت الحلقوم، ﴿ تنظرون ﴾ : أي إلى النازع في الموت.
وقرأ عيسى : حينئذ بكسر النون اتباعاً لحركة الهمزة في إذ، ﴿ ونحن أقرب إليه منكم ﴾ بالعلم والقدرة، ﴿ ولكن لا تبصرون ﴾ : من البصيرة بالقلب، أو ﴿ أقرب ﴾ : أي ملائكتنا ورسلنا، ﴿ ولكن لا تبصرون ﴾ : من البصر بالعين.
ثم عاد التوقيف والتقدير ثانية بلفظ التخصيص.
والمدين : المملوك.
قال الأخطل :
ربت ورباني في حجرها ابن مدينة...
قيل : ابن مملوكة يصف عبداً ابن أمة، وآخر البيت :
تراه على مسحانة يتوكل...
والمعنى : فلولا ترجعون النفس البالغة إلى الحلقوم إن كنتم غير مملوكين وغير مقهورين.
﴿ إن كنتم صادقين ﴾ في تعطيلكم وكفركم بالمحيي المميت المبدىء المعيد، إذ كانوا فيما ذهبوا إليه من أن القرآن سحر وافتراء، وأن ما نزل من المطر هو بنوء، كذا تعطيل للصانع وتعجيز له.
وقال ابن عطية : قوله ﴿ ترجعونها ﴾ سد مسد جوابها، والبيانات التي تقتضيها التخصيصات، وإذا من قوله :﴿ فلولا إذا ﴾، وإن المتكررة، وحمل بعض القول بعضاً إيجازاً واقتصاراً. انتهى.
وتقول :﴿ إذا ﴾ ليست شرطية، فتسد ﴿ ترجعونها ﴾ مسد جوابها، بل هي ظرف غير شرط معمول لترجعونها المحذوف بعد فلولا، لدلالة ترجعونها في التخصيص الثاني علي، فجاء التخصيص الأول مقيداً بوقت بلوغ الحلقوم، وجاء التخصيص الثاني معلقاً على انتفاء مربوبيتهم، وهم لا يقدرون على رجوعها، إذ مربوبيتهم موجودة، فهم مقهورون لا قدرة لهم.
﴿ فأما إن كان ﴾ : أي المتوفى، ﴿ من المقرّبين ﴾ : وهم السابقون.