وقوله تعالى :﴿ فسلام لَّكَ مِنْ أصحاب اليمين ﴾ : عبارة تقتضي جملةَ مدحٍ وصفةَ تخلُّصٍ، وحصولَ عالٍ من المراتب، والمعنى : ليس في أمرهم إلاَّ السلامُ والنجاةُ من العذاب ؛ وهذا كما تقول في مدح رجل : أَمَّا فلان فناهيك به، فهذا يقتضي جملةً غيرَ مفصلة من مدحه، وقدِ اضطربت عباراتُ المُتَأَوِّلِينَ في قوله تعالى :﴿ فسلام لَّكَ ﴾ فقال قوم : المعنى : فيقال له سلام لك إنَّكَ من أصحاب اليمين، وقال الطبريُّ :﴿ فسلام لَّكَ ﴾ : أنت من أصحاب اليمين، وقيل : المعنى : فسلام لك يا محمد، أي : لا ترى فيهم إلاَّ السلامة من العذاب.
* ت * : ومن حصلت له السلامةُ من العذاب فقد فاز دليله ﴿ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النار وَأُدْخِلَ الجنة فَقَدْ فَازَ ﴾ [ آل عمران : ١٨٥ ] قال * ع * : فهذه الكاف في ﴿ لَّكَ ﴾ إمَّا أنْ تكونَ للنبي ﷺ وهو الأظهر، ثم لكل مُعْتَبِرٍ فيها من أُمَّتِهِ، وإمَّا أَنْ تكونَ لمن يخاطب من أصحاب اليمين، وغيرُ هذا مِمَّا قيل تَكَلُّفٌ، ونقل الثعلبيُّ عن الزَّجَّاج :﴿ فسلام لَّكَ ﴾ أي : إنَّك ترى فيهم ما تحب من السلامة، وقد علمتَ ما أَعَدَّ اللَّه لهم من الجزاء بقوله :﴿ فِى سِدْرٍ مَّخْضُودٍ ﴾ الآيات...
والمكذبون الضالُّون : هم الكفار، أصحابُ الشمال والمشأَمة، والنُّزُلُ : أول شيء يقدم للضيف، والتصلية : أنْ يباشر بهم النار، والجحيم معظم النار وحيث تراكمها.
﴿ إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ اليقين ﴾ المعنى : إنَّ هذا الخبرَ هو نفس اليقين وحقيقتُه.
وقوله تعالى :﴿ فَسَبِّحْ باسم رَبِّكَ العظيم ﴾ عبارة تقتضي الأمر بالإِعراض عن أقوال الكفار وسائر أمور الدنيا المختصة بها، وبالإقبال على أمور الآخرة وعبادة اللَّه تعالى، والدعاء إليه.


الصفحة التالية
Icon