﴿ فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الحلقوم ﴾ إلخ تبكيتٌ مبنيٌّ على تكذيبِهم بالقرآنِ فيما نطقَ به قولُه تعالى نحنُ خلقناكُم إلى هُنا من القوارعِ الدالةِ على كونِهم تحتَ ملكوتِه تعالى من حيثُ ذواتُهم ومن حيث طعامُهم وشرابُهم وسائرُ أسبابِ معايشِهم كما ستقفُ عليه، ولولا للتحضيضِ لإظهارِ عجزِهم وإذَا ظرفيةٌ أي فهلاَّ إذَا بلغتْ النفسُ أي الروحُ وقيل : نفسُ أحدِكم الحلقومِ وتداعتْ إلى الخروجِ.
﴿ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ ﴾ أيها الحاضرونَ حولَ صاحبِها ﴿ تَنظُرُونَ ﴾ إلى ما هُو فيه من الغمراتِ ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ ﴾ علماً وقدرةً وتصرفاً ﴿ مّنكُمْ ﴾ حيثُ لا تعرفون من حالِه إلا ما تشاهدونَهُ من آثارِ الشدةِ من غيرِ أن تقفوا على كُنهِها وكيفيتِها وأسبابِها ولا أنْ تقدرُوا على دفع أدنى شيءٍ منها ونحنُ المتولونَ لتفاصيل أحوالِه بعلمنا وقدرتنا أو بملائكة الموتِ ﴿ ولكن لاَّ تُبْصِرُونَ ﴾ لا تدركونَ ذلكَ لجهلِكم بشؤونِنا. وقولُه تعالى :
﴿ فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ ﴾ أي غيرَ مربوبينَ من دانَ السلطانُ رعيتَهُ إذا ساسَهم واستعبدَهم ناظرً إلى قولِه تعالى نحن خلقناكُم فلولا تصدقونَ فإن التحضيضَ يستدعي عدمَ المحضض عليه حتماً وقوله تعالى :﴿ تَرْجِعُونَهَا ﴾ أي النفسُ إلى مقرِّها هو العاملُ في إذَا والمحضض عليه بلولا الأُولى والثانيةُ مكررةٌ للتأكيد وهيَ مع ما في حيزها دليلُ جوابِ الشرطِ والمعنى إنْ كنتُم غير مربوبينَ كما ينبىءُ عنه عدمُ تصديقِكم بخلقنا إياكم فهلا ترجعونَ النفسَ إلى مقرِّها عند بلوغِها الحلقومَ ﴿ إِن كُنتُمْ صادقين ﴾ في اعتقادكم فإن عدمَ تصديقِهم بخالقيتِه تعالى لهم عبارةٌ عن تصديقِهم بعدمِ خالقيتِه تعالى بوجبِ مذهبِهم. وقوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon