وقال الإمام في ذلك : إن المراد من الضلال هناك ما صدر عنهم من الإصرار على الحنث العظيم فضلوا عن سبيل الله تعالى ولم يصلوا إليه ثم كذبوا رسله، ﴿ وَقَالُواْ أَءذَا مِتْنَا ﴾ الخ فكذبوا بالحشر فقال تعالى :﴿ أَيُّهَا الضالون ﴾ الذين أشركتم المكذبون الذين أنكرتم الحشر لآكلون ما تكرهون، وأما هنا فقال سبحانه لهم : أيها المكذبون الذين كذبتم بالحشر الضالون من طريق الخلاص الذين لا يهتدون إلى النعيم، وفيه وجه آخر وهو أن الخطاب هناك مع الكفار فقال سبحانه : أيها الذين أشركتم أولاً وكذبتم ثانياً، والخطاب هنا مع النبي ﷺ يبين له عليه الصلاة والسلام حال الأزواج الثلاثة كما يدل عليه.
فسلام لك فقال سبحانه : المقربون في روح وريحان وجنة ونعيم وأصحاب اليمين في سلامة، وأما المكذبون الذين كذبوك وضلوا فقدم تكذيبهم إشارة إلى كرامته ﷺ حيث بين أن أقوى سبب في عقابهم تكذيبهم انتهى.
وعليك بالتأمل والإنصاف والنظر لما قال دون النظر لمن قال، وقوله تعالى :
﴿ فَنُزُلٌ ﴾ بتقدير فله نزل أو فجزاؤه نزل كائن ﴿ مِنْ حَمِيمٍ ﴾ قيل : يشرب بعد أكل الزقوم كما فصل فيما قبل.
﴿ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ﴾ أي إدخال في النار، وقيل : إقامة فيها ومقاساة لألوان عذابها وكل ذلك مبني على أن المراد بيان ما لهم يوم القيامة، وقيل : هذا محمول على ما يجده في القبر من حرارة النار ودخانها لأن الكلام في حال التوفي وعقب قبض الأرواح والأنسب بذلك كون ما ذكر في البرزخ، وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قال في الآية : لا يخرج الكافر حتى يشرب كأساً من حميم، وقرأ أحمد بن موسى.
والمنقري.
واللؤلؤي عن أبي عمرو ﴿ وَتَصْلِيَةُ ﴾ بالجر عطفاً على ﴿ حَمِيمٍ ﴾ [ الواقعة : ٩٣ ] }.