الكريم كما لا ينبغي لمن لم يكن طاهر البدن من الحدثين المعروفين في البدن أن يمس بيد بدنه وجسده ألفاظه المكتوبة، وقيل : أيضاً يجوز أن يقال المعنى لا يصل إلى أدنى حقائق أسرار القرآن الكريم إلا المطهرون من أرجاس الشهوات وأنجاس المخالفات.
وإذا كانت هذه الجملة صفة للكتاب المكنون المراد منه اللوح المحفوظ وأريد بالمطهرين الملائكة عليهم السلام، وكان المعنى لا يطلع عليه إلا الملائكة عليهم السلام كان في ذلك ردّ على من يزعم أن الأولياء يرون اللوح المحفوظ ويطلعون على ما فيه، وحمل المطهرين على ما يعم الملائكة والأولياء الذين طهرت نفوسهم وقدست ذواتهم حتى التحقوا بالملائكة عليهم السلام لا ينفع في البحث مع أهل الشرع فإن مدار استدلالاتهم على الأحكام الشرعية الظواهر على أنه لم يسمع عن النبي ﷺ وهو هو أنه نظر يوماً وهو بين أصحابه إلى اللوح المحفوظ واطلع على شيء مما فيه، وقال لهم : إني رأيت اللوح المحفوظ واطلعت على كذا وكذا فيه، وكذلك لم يسمع عن أجلة أصحابه الخلفاء الراشدين أنه وقع لهم ذلك، وقد وقعت بينهم مسائل اختلفوا فيها وطال نزاعهم في تحقيقها إلى أن كاد يغم هلال الحق فيها ولم يراجع أحد منهم لكشفها اللوح المحفوظ.
وذكر بعض العلماء أن سدرة المنتهى ينتهي علم من تحتها إليها وأن اللوح فوقها بكثير، وبكل من ذلك نطقت الآثار، وهو يشعر بعدم اطلاع الأولياء على اللوح، ومع هذا كله من ادعى وقوع الاطلاع فعليه البيان وأنى به، وهذا الذي سمعت مبني على ما نطقت به الأخبار في صفة اللوح المحفوظ وأنه جسم كتب فيه ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة، وأما إذا قيل فيه غير ذلك انجر البحث إلى وراء ما سمعت، واتسعت الدائرة.