تقدير الآية : وكلا وعده الله الحسنى إلا أنه حذف الضمير لظهوره كما في قوله :﴿أهذا الذي بَعَثَ الله رَسُولاً﴾ [ الفرقان : ٤١ ] وكذا قوله :﴿واتقوا يَوْمًا لاَّ تَجْزِى نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا﴾ [ البقرة : ٤٨ ] ثم قال :﴿والله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ والمعنى أنه تعالى لما وعد السابقين والمحسنين بالثواب فلا بد وأن يكون عالماً بالجزئيات، وبجميع المعلومات، حتى يمكنه إيصال الثواب إلى المستحقين، إذ لو لم يكن عالماً بهم وبأفعالهم على سبيل التفصيل، لما أمكن الخروج عن عهدة الوعد بالتمام، فلهذا السبب أتبع ذلك الوعد بقوله :﴿والله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾.
ثم قال تعالى :﴿من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
ذكروا أن رجلاً من اليهود قال عند نزول هذه الآية ما استقرض إله محمد حتى افتقر، فلطمه أبو بكر، فشكا اليهودي ذلك إلى رسول الله ﷺ فقال له : ما أردت بذلك ؟ فقال : ما ملكت نفسي أن لطمته فنزل قوله تعالى :﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الذين أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً﴾ [ آل عمران : ١٨٦ ] قال المحققون : اليهودي إنما قال ذلك على سبيل الاستهزاء، لا لأن العاقل يعتقد أن الإله يفتقر، وكذا القول في قولهم :﴿إِنَّ الله فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء﴾ [ آل عمران : ١٨١ ].
المسألة الثانية :
أنه تعالى أكد بهذه الآية ترغيب الناس في أن ينفقوا أموالهم في نصرة المسلمين وقتال الكافرين ومواساة فقراء المسلمين، وسمي ذلك الإنفاق قرضاً من حيث وعد به الجنة تشبيهاً بالقرض.
المسألة الثالثة :
اختلفوا في المراد من هذا الإنفاق، فمنهم من قال : المراد الإنفاقات الواجبة، ومنهم من قال : بل هو في التطوعات، والأقرب دخول الكل فيه.
المسألة الرابعة :


الصفحة التالية