﴿وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ﴾ [ المدثر : ٦ ] في أحد التأويلات التاسع : أن يكون من أحب أموالك إليك، قال تعالى :﴿لَن تَنَالُواْ البر حتى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [ آل عمران : ٩٢ ]، العاشر : أن لا ترى عز نفسك وذل الفقير، بل يكون الأمر بالعكس في نظرك، فترى الفقير كأن الله تعالى أحال عليك رزقه الذي قبله بقوله :﴿وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأرض إِلاَّ عَلَى الله رِزْقُهَا﴾ [ هود : ٦ ] وترى نفسك تحت دين الفقير، فهذه أوصاف عشرة إذا اجتمعت كانت الصدقة قرضاً حسناً، وهذه الآية مفسرة في سورة البقرة.
ثم إنه تعالى قال :﴿فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :
أنه تعالى ضمن على هذا القرض الحسن أمرين أحدهما : المضاعفة على ما ذكر في سورة البقرة، وبين أن مع المضاعفة له أجر كريم، وفيه قولان : الأول : وهو قول أصحابنا أن المضاعفة إشارة إلى أنه تعالى يضم إلى قدر الثواب مثله من التفضيل والأجر الكريم عبارة عن الثواب، فإن قيل : مذهبكم أن الثواب أيضاً تفضل فإذا لم يحصل الامتياز لم يتم هذا التفسير الجواب : أنه تعالى كتب في اللوح المحفوظ، أن كل من صدر منه الفعل الفلاني، فله قدر كذا من الثواب، فذاك القدر هو الثواب، فإذا ضم إليه مثله فذلك المثل هو الضعف والقول الثاني : هو قول الجبائي من المعتزلة أن الأعواض تضم إلى الثواب فذلك هو المضاعفة، وإنما وصف الأجر بكونه كريماً لأنه هو الذي جلب ذلك الضعف، وبسببه حصلت تلك الزيادة، فكان كريماً من هذا الوجه.
المسألة الثانية :


الصفحة التالية
Icon