وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
قال أكثر المفسرين : التسبيح هنا هو التنزيه المعروف في قولهم : سبحان الله، وهذا عندهم إخبار بصيغة الماضي مضمنه الدوام أن التسبيح مما ذكر دائم مستمر، واختلفوا هل هذا التسبيح حقيقة أو مجاز على معنى أثر الصنعة فيها تنبه الرائي على التسبيح، فقال الزجاج وغيره : والقول بالحقيقة أحسن، وقد تقدم القول فيه غير مرة، وهذا كله في الجمادات، وأما ما يمكن التسبيح منه فقول واحد إن تسبيحهم حقيقة، وقال قوم من المفسرين : التسبيح في هذه السورة : الصلاة، وهذا قول متكلف، فأما فيمن يمكن منه ذلك فسائغ، وأما سجود ظلال الكفار هي صلاتهم، وأما في الجمادات فيقلق، وذلك أن خضوعها وخشوع هيئاتها قد يسمى في اللغة سجوداً أو استعارة كما قال الشاعر [ زيد الخيل ] :[ الطويل ]
ترى الأكم فيها سُجَّداً للحوافر... ويبعد أن تسمى تلك صلاة الأعلى تحامل.
وقوله :﴿ ما في السماوات والأرض ﴾ عام في جميع المخلوقات، وقال بعض النحاة، التقدير : ما في السماوات وما في الأرض، ف " ما " نكرة موصوفة حذفها وأقام الصفة مقامها، ﴿ وهو العزيز ﴾ بقدرته وسلطانه، ﴿ الحكيم ﴾ بلطفه وتدبيره وحكمته. و﴿ ملك السماوات والأرض ﴾ هو سلطانها الحقيقي الدائم، لأن ملك البشر مجاز فان.


الصفحة التالية
Icon