وقوله تعالى :﴿ باطنه فيه الرحمة ﴾ أي جهة المؤمنين، ﴿ وظاهره ﴾ جهة المنافقين، والظاهر هنا البادي، ومنه قول : من ظاهر مدينة كذا، وقوله تعالى :﴿ ينادونهم ﴾ معناه : ينادي المنافقون المؤمنين ﴿ ألم نكن معكم ﴾ في الدنيا؟ فيرد المؤمنون عليهم :﴿ بلى ﴾ كنتم معنا، ولكنكم عرضتم أنفسكم للفتنة، وهو حب العاجل والقتال عليه، قال مجاهد :﴿ فتنتم أنفسكم ﴾ بالنفاق.
﴿ وتربصتم ﴾ معناه هنا : بأمانكم ﴿ فأبطأتم ﴾ به حتى متم. وقال قتادة معناه : تربصتم بنا وبمحمد عليه السلام الدوائر وشككتم في أمر الله. والارتياب : التشكك. و: ﴿ الأماني ﴾ التي غرتهم هي قولهم : سيهلك محمد هذا العام ستهزمه قريش، ستأخذه الأحزاب، إلى غير ذلك من أمانيهم، وطول الأمل غرار لكل أحد، و﴿ أمر الله ﴾ الذي ﴿ جاء ﴾ هو الفتح وظهور الإسلام، وقيل هو موت المنافقين وموافاتهم على هذه الحال الموجبة للعذاب و: ﴿ الغرور ﴾ الشيطان بإجماع من المتأولين.
وقرأ سماك بن حرب بضم الغين، وأبو حيوة. وينبغي لكل مؤمن أن يعتبر هذه الآية في نفسه وتسويفه في توبته.
قوله تعالى :﴿ فاليوم لا يؤخذ ﴾ استمرار في مخاطبة المنافقين. قاله قتادة وغيره : وروي في معنى قوله :﴿ ولا من الذين كفروا ﴾ حديث، وهو أن الله تعالى يقرر الكافرين فيقول له : أرأيتك لو كان لك أضعاف الدنيا أكنت تفتدي بجميع ذلك من عذاب النار؟ فيقول : نعم يا رب، فيقول الله تعالى : قد سألتك ما هو أيسر من هذا وأنت في صلب أبيك آدم أن لا تشرك بي فأبيت إلا الشرك.
وقرأ جمهور القراء والناس :" يؤخذ " بالياء من تحت. وقرأ أبو جعفر القارئ :" تؤخذ " بالتاء من فوق، وهي قراءة ابن عامر في رواية هشام عنه، وهي قراءة الحسن وابن أبي إسحاق والأعرج