وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ يَوْمَ تَرَى المؤمنين والمؤمنات ﴾
العامل في "يَوْمَ" ﴿ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ ﴾ وفي الكلام حذف أي "وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ" في "يَوْم تَرَى" فيه ﴿ المؤمنين والمؤمنات يسعى نُورُهُم ﴾ أي يمضي على الصراط في قول الحسن، وهو الضياء الذي يمرون فيه ﴿ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ﴾ أي قدّامهم.
﴿ وَبِأَيْمَانِهِم ﴾ قال الفراء : الباء بمعنى في ؛ أي في أيمانهم.
أو بمعنى عن أي عن أيمانهم.
وقال الضحاك :﴿ نُورُهُم ﴾ هداهم ﴿ وَبِأَيْمَانِهِم ﴾ كتبهم ؛ واختاره الطبري.
أي يسعى إيمانهم وعملهم الصالح بين أيديهم، وفي أيمانهم كتب أعمالهم.
فالباء على هذا بمعنى في.
ويجوز على هذا أن يوقف على ﴿ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ﴾ ولا يوقف إذا كانت بمعنى عن.
وقرأ سهل بن سعد الساعدي وأبو حيوة "وبِإِيمانِهِم" بكسر الألف، أراد الإيمان الذي هو ضد الكفر.
وعطف ما ليس بظرف على الظرف ؛ لأن معنى الظرف الحال وهو متعلق بمحذوف.
والمعنى يسعى كائناً ﴿ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ﴾ وكائناً "بِإيَمانِهِمْ"، وليس قوله :﴿ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ﴾ متعلقاً بنفس "يَسْعَى".
وقيل : أراد بالنور القرآن.
وعن ابن مسعود : يؤتون نورهم على قدر أعمالهم ؛ فمنهم من يؤتى نوره كالنخلة، ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم، وأدناهم نوراً من نوره على إبهام رجله فيطفأ مرة ويوقد أخرى.
وقال قتادة : ذكر لنا أن نبيّ الله ﷺ قال :" إن مِن المؤمنين من يضيء نوره كما بين المدينة وعدنٍ أو ما بين المدينة وصنعاء ودون ذلك حتى يكون منهم من لا يضيء نوره إلا موضع قدميه " قال الحسن : ليستضيئوا به على الصراط كما تقدم.
وقال مقاتل : ليكون دليلاً لهم إلى الجنة.
والله أعلم.
قوله تعالى :﴿ بُشْرَاكُمُ اليوم جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار ﴾ التقدير يقال لهم :﴿ بُشْرَاكُمُ اليوم ﴾ دخول جناتٍ.