وقال بعض العلماء : إن للباقي بالماضي معتبراً، وللآخر بالأول مزدجراً، والسعيد من لا يغتر بالطمع، ولا يركن إلى الخُدَع، ومن ذكر المنيّة نسي الأمنيّة، ومن أطال الأمل نسي العمل، وغفل عن الأجل.
وجاء "الْغَرُورُ" على لفظ المبالغة للكثرة.
وقرأ أبو حيوة ومحمد بن السَّمَيْقَع وسِمَاك بن حرب "الغُرُورُ" بضم الغين يعني الأباطيل وهو مصدر.
وعن ابن عباس :" أن نبيّ الله ﷺ خطّ لنا خطوطاً، وخطّ منها خطًّا ناحية فقال :"أتدرون ما هذا؟ هذا مثل ابن آدم ومثل التمني وتلك الخطوط الآمال بينما هو يتمنى إذ جاءه الموت" " وعن ابن مسعود قال :" خطّ لنا رسول الله ﷺ خطًّا مربعاً، وخطّ وسطه خطًّا وجعله خارجاً منه، وخطّ عن يمينه ويساره خطوطاً صغاراً فقال :"هذا ابن آدم وهذا أجله محيط به وهذا أمله قد جاوز أجله وهذه الخطوط الصغار الأعراض فإن أخطأه هذا نهشه هذا وإن أخطأه هذا نهشه هذا" ".
قوله تعالى :﴿ فاليوم لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ ﴾ أيها المنافقون ﴿ وَلاَ مِنَ الذين كَفَرُواْ ﴾ أيأسهم من النجاة.
وقراءة العامة ﴿ يُؤْخَذُ ﴾ بالياء ؛ لأن التأنيث غير حقيقي ؛ ولأنه قد فصل بينها وبين الفعل.
وقرأ ابن عامر ويعقوب "تُؤْخَذُ" بالتاء واختاره أبو حاتم لتأنيث الفدية.
والأوّل اختيار أبي عبيد ؛ أي لا يقبل منكم بدل ولا عوض ولا نفس أخرى.
﴿ مَأْوَاكُمُ النار ﴾ أي مقامكم ومنزلكم ﴿ هِيَ مَوْلاَكُمْ ﴾ أي أَوْلى بكم، والمولى من يتولى مصالح الإنسان، ثم استعمل فيمن كان ملازماً للشيء.
وقيل : أي النار تملك أمرهم ؛ بمعنى أن الله تبارك وتعالى يُرَكِّب فيها الحياة والعقل فهي تتميز غيظاً على الكفار، ولهذا خوطبت في قوله تعالى :﴿ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امتلأت وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ﴾ [ ق : ٣٠ ].
﴿ وَبِئْسَ المصير ﴾.
أي ساءت مرجعاً ومصيراً. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٧ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon