ولا مخاطبة هنا، بل هذا من باب الالتفات من ضمير الخطاب في ﴿ بشراكم ﴾ إلى ضمير الغيبة في ﴿ خالدين ﴾.
ولو جرى على الخطاب، لكان التركيب خالداً أنتم فيها، والالتفات من فنون البيان ﴿ يوم يقول ﴾ بدل من ﴿ يوم ترى ﴾.
وقيل : معمول لاذكر.
قال ابن عطية : ويظهر لي أن العامل فيه ﴿ ذلك هو الفوز العظيم ﴾، ومجيء معنى الفوز أفخم، كأنه يقول : إن المؤمنين يفوزون بالرحمة يوم يعتري المنافقين كذا وكذا، لأن ظهور المرء يوم خمول عدوه ومضاده أبدع وأفخم. انتهى.
فظاهر كلامه وتقديره أن يوم منصوب بالفوز، وهو لا يجوز، لأنه مصدر قد وصف قبل أخذ متعلقاته، فلا يجوز إعماله.
فلو أعمل وصفة، وهو العظيم، لجاز، أي الفوز الذي عظم، أي قدره ﴿ يوم يقول ﴾.
﴿ انظرونا ﴾ : أي انتظرونا، لأنهم لما سبقوكم إلى المرور على الصراط، وقد طفئت أنوارهم، قالوا ذلك.
قال الزمخشري :﴿ انظرونا ﴾ : انتظرونا، لأنهم يسرع بهم إلى الجنة كالبروق الخاطفة على ركاب تذف بهم وهؤلاء مشاة، أو انظروا إلينا، لأنهم إذا انظروا إليهم استقبلوهم بوجوهم والنور بين أيديهم فيستضيئون به.
انتهى.
فجعل انظرونا بمعنى انظروا إلينا، ولا يتعدى النظر هذا في لسان العرب إلا بإلى لا بنفسه، وإنما وجد متعدياً بنفسه في الشعر.
وقرأ زيد بن علي وابن وثاب والأعمش وطلحة وحمزة : أنظرونا من أنظر رباعياً، أي أخرونا، أي اجعلونا في آخركم، ولا تسبقونا بحيث تفوتوننا، ولا نلحق بكم.
﴿ نقتبس من نوركم ﴾ : أي نصب منه حتى نستضيء به.
ويقال : اقتبس الرجل واستقبس : أخذ من نار غيره قبساً.
﴿ قيل ارجعوا وراءكم ﴾ : القائل المؤمنون، أو الملائكة.
والظاهر أن ﴿ وراءكم ﴾ معمول لارجعوا.
وقيل : لا محل له من الأعراب لأنه بمعنى ارجعوا، كقولهم : وراءك أوسع لك، أي ارجع تجد مكاناً أوسع لك.