﴿ ذلك هُوَ الفوز العظيم ﴾ يحتمل أن يكون من كلامه تعالى فالإشارة إلى ما ذكر من النور والبشرى بالجنات، ويحتمل أن يكون من كلام الملائكة عليهم السلام المتلقين لهم، فالإشارة إلى ما هم فيه من النور وغيره أو إلى الجنات بتأويل ما ذكر أو لكونها فوزاً على ما قيل، وقرىء ذلك الفوز بدون ﴿ هُوَ ﴾.
﴿ يَوْمَ يَقُولُ المنافقون والمنافقات ﴾ بدل من ﴿ يَوْمَ تَرَى ﴾ [ الحديد : ١٢ ]، وجوز أن يكون معمولاً لا ذكر.
وقال ابن عطية : يظهر لي أن العامل فيه ﴿ ذلك هو الفوز العظيم ﴾ [ الحديد : ١٢ ]، ويكون معنى الفوز عليه أعظم كأنه قيل : إن المؤمنين يفوزون يوم يعتري المنافقين والمنافقات كذا وكذا لأن ظهور المرء يوم خمول عدوه مضادة أبدع وأفخم، وتعقبه في "البحر" بأن ظاهره تقريره أن يوم منصوب بالفوز وهو لا يجوز لأنه مصدر قد وصف قبل أخذ متعلقاته فلا يجوز إعماله ولو أعمل وصفه وهو العظيم لجاز أي الفوز الذي عظم أي قدره يوم انتهى، وفي عدم جواز إعمال مثل هذا المصدر في مثل هذا المعمول خلاف، ثم إن تعلق هذا الظرف بشيء من تلك الجملة خلاف الظاهر ﴿ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ انظرونا ﴾ أي انتظرونا ﴿ نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ ﴾ نصب منه وذلك أن يلحقوا بهم فيستنيروا به.
وقيل : فيأخذوا شيئاً منه يكون معهم تخيلوا تأتّى ذلك فقالوه، وأصل الاقتباس طلب القبس أي الجذوة من النار، وجوز أن يكون المعنى انظروا إلينا نقتبس الخ لأنهم إذا نظروا إليهم استقبلوهم بوجوههم والنور بين أيديهم فيستضيئون به فانظرونا على الحذف والايصال لأن النظر بمعنى مجرد الرؤية يتعدى بإلى فإن أريد التأمل تعدى بفي لكن حمل الآية على ذلك خلاف الظاهر ؛ وقولهم : للمؤمنين ذلك لأنهم في ظلمة لا يذرون كيف يمشون فيها، وروى أنه يكون ذلك على الصراط.
وفي الآثار دلالة على أنهم يكون لهم نور فيطفأ فيقولون ذلك، أخرج الطبراني.


الصفحة التالية
Icon