﴿اتقوا الله وكونوا مع الصادقين﴾ [ التوبة : ١١٩ ] وقوله :﴿محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار﴾ ولفظ " مع " جاءت في القرآن عامة وخاصة، فالعامة ﴿ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم﴾ [ المجادلة : ٧ ] فافتتح الكلام بالعلم واختتمه بالعلم، ولهذا قال ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ والضحاك وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل : هو معهم بعلمه، وأما المعية الخاصة فقوله تعالى :﴿إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون﴾ [ النحل : ١٢٨ ] وقوله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام :﴿إنني معكما أسمع وأرى﴾ [ طه : ٤٦ ] وقال :﴿إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا﴾ [ التوبة : ٤٠ ] يعني النبي ـ ﷺ ـ وأبو بكر الصدّيق ـ رضى الله عنه ـ، فهو مع موسى وهارون عليهما السلام دون فرعون، ومع محمد ـ ﷺ ـ وصاحبه ـ رضى الله عنه ـ دون أبي جهل وغيره من أعدائه، ومع الذين اتقوا والذين هم محسنون دون الظالمين المعتدين، فلو كان معنى المعية أنه بذاته في كل مكان تناقض الخبر الخاص والخبر العام، بل المعنى أنه مع هؤلاء بنصره وتأييده دون أولئك، وقوله تعالى :﴿وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله﴾ [ الزخرف : ٨٤ ] أي هو إله في السماء وإله في الأرض كما قال تعالى :﴿وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم﴾ [ الروم : ٢٧ ] وكذلك في قوله تعالى :﴿وهو الله في السماوات وفي الأرض﴾ كما فسره أئمة العلم كأحمد وغيره أنه المعبود في السماوات والأرض.


الصفحة التالية
Icon