ولو شاء ربي كنت عمرو بن مَرثد
فأصبحت ذا مال كثير وطافَ بي...
بنونَ كرامٌ سَادة لمسوَّد
ثم شاع إطلاق صيغة التكاثر فصارت تستعمل في الحرص على تحصيل الكثير من غير مراعاة مغالبة الغير ممن حصل عليه، قال تعالى:
﴿ ألهاكم التكاثر ﴾ [ التكاثر : ١ ].
و﴿ في ﴾ من قوله :﴿ في الأموال والأولاد ﴾ : إما مستعملة في التعليل، وإما هي الظرفية المجازية، فإن جُعلت الأموال كالظرف يحصل تكاثر الناس عنده كمن ينزع في بئر.
والمعنى : أن الله أقام نظام أحوال الناس في الحياة الدنيا على حكمة أن تكون الحياة وسيلة لبلوغ النفوس إلى ما هيّأَها الله له من العروج إلى سمو المَلَكِيَّة كما دل عليه قوله :﴿ إني جاعل في الأرض خليفة ﴾ [ البقرة : ٣٠ ]، فكان نظام هذه الحياة على أن تجري أمور الناس فيها على حسب تعاليم الهدى للفوز بالحياة الأبدية في النعيم الحق بعد الممات والبعث، فإذا الناسُ قد حرفوها عن مهيعها، وقد تضمن ذلك قوله تعالى :﴿ من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ﴾ [ النحل : ٩٧ ].
﴿ والاولاد كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكفار نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ ﴾.
يجوز أن يكون في موضع خبر من مبتدأ محذوف، أي هي كمثللِ غيث فتكون الجملة استئنافاً، وحَذفُ المسند إليه من النوع الذي سماه السكاكي "متابعةَ الاستعمال".


الصفحة التالية
Icon