وقرأ أبو حيوة، وابن أبي عبلة بالفوقية على الخطاب التفاتاً، وبها قرأ عيسى، وابن إسحاق، والجملة معطوفة على تخشع أي : ألم يأن لهم أن تخشع، قلوبهم، ولا يكونوا؟ والمعنى : النهي لهم عن أن يسلكوا سبيل اليهود والنصارى الذين أوتوا التوراة والإنجيل من قبل نزول القرآن ﴿ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمد ﴾ أي : طال عليهم الزمان بينهم وبين أنبيائهم.
قرأ الجمهور :﴿ الأمد ﴾ بتخفيف الدال، وقرأ ابن كثير في رواية عنه بتشديدها، أي : الزّمن الطويل، وقيل : المراد بالأمد على القراءة الأولى : الأجل والغاية، يقال أمد فلان كذا، أي : غايته ﴿ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ بذلك السبب، فلذلك حرّفوا وبدّلوا، فنهى الله سبحانه أمة محمد ﷺ أن يكونوا مثلهم ﴿ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فاسقون ﴾ أي : خارجون عن طاعة الله ؛ لأنهم تركوا العمل بما أنزل إليهم، وحرّفوا وبدّلوا، ولم يؤمنوا بما نزل على محمد، وقيل : هم الذين تركوا الإيمان بعيسى، ومحمد ﷺ، وقيل : هم الذين ابتدعوا الرهبانية، وهم أصحاب الصوامع.
﴿ اعلموا أَنَّ الله يُحْىِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا ﴾ فهو قادر على أن يبعث الأجسام بعد موتها، ويلين القلوب بعد قسوتها ﴿ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيات ﴾ التي من جملتها هذه الآيات ﴿ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ أي : كي تعقلوا ما تضمنته من المواعظ، وتعملوا بموجب ذلك.
﴿ إِنَّ المصدقين والمصدقات ﴾ قرأ الجمهور بتشديد الصاد في الموضعين من الصدقة، وأصله المتصدّقين والمتصدّقات، فأدغمت التاء في الصاد.
وقرأ أبيّ ( المتصدّقين والمتصدّقات ) بإثبات التاء على الأصل.


الصفحة التالية
Icon