وقال مقاتل بن سليمان : هم الذين استشهدوا في سبيل الله، وكذا قال ابن جرير، وقيل : هم أمم الرسل يشهدون يوم القيامة لأنبيائهم بالتبليغ، والظاهر أن معنى الآية : إن الذين آمنوا بالله ورسله جميعاً بمنزلة الصدّيقين والشهداء المشهورين بعلوّ الدرجة عند الله، وقيل : إن الصدّيقين هم المبالغون في الصدق حيث آمنوا بالله، وصدّقوا جميع رسله، والقائمون لله سبحانه بالتوحيد.
ثم بيّن سبحانه ما لهم من الخير بسبب ما اتصفوا به من الإيمان بالله ورسله فقال :﴿ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ﴾ والضمير الأوّل راجع إلى الموصول، والضميران الأخيران راجعان إلى الصدّيقين والشهداء، أي : لهم مثل أجرهم ونورهم، وأما على قول من قال : إن الذين آمنوا بالله ورسله هم نفس الصديقين والشهداء، فالضمائر الثلاثة كلها راجعة إلى شيء واحد، والمعنى : لهم الأجر والنور الموعودان لهم.
ثم لما ذكر حال المؤمنين وثوابهم، ذكر حال الكافرين وعقابهم، فقال :﴿ والذين كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بآياتنا ﴾ أي : جمعوا بين الكفر وتكذيب الآيات، والإشارة بقوله :﴿ أولئك ﴾ إلى الموصول باعتبار ما في صلته من اتصافهم بالكفر والتكذيب، وهذا مبتدأ، وخبره ﴿ أصحاب الجحيم ﴾ يعذبون بها، ولا أجر لهم ولا نور، بل عذاب مقيم وظلمة دائمة.
وقد أخرج ابن مردويه عن أنس عن النبيّ ﷺ قال :" استبطأ الله قلوب المهاجرين بعد سبع عشرة سنة من نزول القرآن، فأنزل الله ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ ﴾.
..
" الآية.