وقال ابن عطية :
وقوله عز وجل :﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله ﴾
اختلف الناس في المخاطب بهذا، فقالت فرقة من المتأولين خوطب بهذا أهل الكتاب، فالمعنى : يا أيها الذين آمنوا بعيسى اتقوا الله وآمنوا بمحمد، ويؤيد هذا المعنى الحديث الصحيح عن النبي ﷺ :
" ثلاثة يؤتيهم الله أجرهم مرتين : رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي "، الحديث وقال آخرون المخاطبة للمؤمنين من أمة محمد ﷺ قيل لهم ﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله ﴾، أي اثبتوا على ذلك ودوموا عليه، وهذا هو معنى الأمر أبداً لمن هو متلبس بما يؤمر به.
وقوله :﴿ كفلين ﴾ أي نصيبين بالإضافة إلى ما كان الأمم قبل يعطونه، قال أبو موسى الأشعري :﴿ كفلين ﴾ ضعفين بلسان الحبشة، وروي أن عمر بن الخطاب قال لبعض الأحبار : كم كان التضعيف للحسنات فيكم؟ فقال ثلاثمائة وخمسون، فقال عمر : الحمد لله الذي ضاعف لنا إلى سبعمائة، ويؤيد هذا المعنى الحديث الصحيح الذي يقتضي أن اليهود عملت إلى نصف النهار على قيراط، والنصارى من الظهر إلى العصر على قيراط، وهذه الأمة من العصر إلى الليل على قيراطين، فلما احتجت اليهود والنصارى على ذلك وقالوا نحن أكثر عملاً وأقل أجراً، قال الله تعالى :" هل نقصتم من أجركم شيئاً، قالوا : لا، قال : فإنه فضلي أوتيه من أشاء ". والكفل : الحظ والنصيب. والنور : هنا إما أن يكون وعداً بالنور الذي يسعى بين الأيدي يوم القيامة، وإما أن يكون استعارة للهدى الذي يمشي به في طاعة الله.
لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ


الصفحة التالية
Icon