أي بالرسلِ المتقدمةِ ﴿ اتقوا الله ﴾ فيما نهاكُم عنْهُ ﴿ وَءَامَنُواْ بِرَسُولِهِ ﴾ أي بمحمدٍ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وفي إطلاقهِ إيذانٌ بأنَّه عَلَمٌ فَردٌ في الرسالةِ لا يذهبُ الوهمُ إلى غيرِه ﴿ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ ﴾ نصيبينِ ﴿ مّن رَّحْمَتِهِ ﴾ لإيمانِكم بالرسولِ وبمَنْ قبلَهُ من الرسلِ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ لكنْ لا على مَعْنى أنَّ شريعتَهُم باقيةٌ بعد البعثةِ بلْ على أنَّها كانتْ حقَّة قبلَ النسخِ ﴿ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ﴾ يومَ القيامةِ حسبَما نطقَ به قولُه تعالى :﴿ يسعى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وبأيمانهم ﴾ ﴿ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾ ما أسلفتُم من الكُفر والمَعَاصِي ﴿ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ أي مبالغٌ في المغفرةِ والرحمةِ. وقولُه تعالَى :﴿ لّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب ﴾ متعلقٌ بمضمونِ الجملةِ الطلبيةِ المتضمنةِ لمَعْنى الشرطِ إذِ التقديرُ إنْ تتقُوا الله وتُؤمنوا برسوله يُؤتكم كَذَا وكَذَا لئلاَّ يعلمَ الذينَ لم يُسلموا من أهل الكتابِ أي ليعلمُوا ولا مزيدةٌ كما ينبىءُ عنه قراءةُ ليعلَم ولكي يعلمَ ولأن يعلمَ بإدغامِ النونِ في الياءِ وأنْ في قولِه تعالَى :﴿ أَن لا يَقْدِرُونَ على شَىْء مّن فَضْلِ الله ﴾ مخففةٌ من الثقيلةِ واسمُها الذي هُو ضميرُ الشأنِ محذوفٌ والجملةُ في حيز النصبِ على أنَّها مفعولُ يعلمَ أيْ ليعلمُوا أنَّه لا ينالونَ شيئاً مما ذُكِرَ من فضله من الكفلين والنورِ والمغفرةِ ولا يتمكنون من نيله حيثُ لم يأتُوا بشرطه الذي هُو الإيمانُ برسوله. وقولُه تعالَى :﴿ وَأَنَّ الفضل بِيَدِ الله ﴾ عطفٌ على أنْ لا يقدرونَ. وقولُه تعالَى :﴿ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء ﴾ خبرٌ ثانٍ لأَنَّ، وقيلَ : هُو الخبرُ والجارُّ حالٌ لازمةٌ. وقولُه تعالى :﴿ والله ذُو الفضل العظيم ﴾ اعتراضٌ تذييليّ مقررٌ لمضمون ما قبلَهُ وقد جُوِّزَ أنْ يكونَ الأمرُ بالتقوى