وقال الآلوسى :
﴿ يَا أَيُّهَا الذين ءامَنُواْ ﴾
استظهر أبو حيان كون الخطاب لمن آمن من أمته ﷺ غير أهل الكتاب والآثار تؤيد ذلك، أخرج الطبراني في "الأوسط" عن ابن عباس.
وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قالا : إن أربعين من أصحاب النجاشي قدموا على النبي ﷺ فشهدوا معه أحداً فكانت فيهم جراحات ولم يقتل منهم أحد فلما رأوا ما بالمؤمنين من الحاجة قالوا : يا رسول الله إنا أهل ميسرة فأذن لنا نجيء بأموالنا نواسي بها المسلمين فأنزل الله تعالى فيهم :﴿ الذى الكتاب مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ وَإِذَا ﴾ إلى قوله سبحانه :﴿ أُوْلَئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ ﴾ [ القصص : ٥٢، ٥٤ ] فجعل لهم أجرين فلما نزلت هذه الآية قالوا : يا معشر المسلمين أما من آمن منا بكتابكم فله أجران ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجر كأجوركم فأنزل الله تعالى ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ الذين كَفَرُواْ ﴾ الآية أي راداً عليهم قولهم : ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجر كأجوركم.
وفي "الكشاف" إن قائل ذلك من لم يكن آمن من أهل الكتاب قالوه حين سمعوا تلك الآية يفخرون به على المسلمين، والمعنى يا أيها الذين اتصفوا بالايمان ﴿ اتقوا الله ﴾ أثبتوا على تثواه عز وجل فيما نهاكم عنه.
﴿ وَءامِنُواْ بِرَسُولِهِ ﴾ وأثبتوا على الايمان برسوله الذي أرسله إليكم وهو محمد ﷺ، وفي التعبير عنه بذلك ما لا يخفى من الدلالة على جلالة قدره عليه الصلاة والسلام ﴿ يُؤْتِكُمْ ﴾ بسبب ذلك.
﴿ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ ﴾ قال أبو موسى الأشعري : ضعفين بلسان الحبشة، وقال غير واحد : نصيبين، والمراد إيتاؤهم أجرين كمؤمني أهل الكتاب كأنه قيل : يؤتكم ما وعد من آمن من أهل الكتاب من الأجرين لأنكم مثلهم في الايمان بالرسل المتقدمين وبخاتمهم ﷺ عليهم أجمعين لاتفرقون بين أحد من رسله.