وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : لما نزلت ﴿ أُوْلَئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ ﴾ [ القصص : ٥٤ ] فخر مؤمنو أهل الكتاب على أصحاب النبي ﷺ فقالوا : لنا أجران ولكم أجر فاشتد ذلك على أصحابه عليه الصلاة والسلام فأنزل الله تعالى :﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ الذين كَفَرُواْ ﴾ [ الحديد : ٢٨ ] الخ فجعل لهم سبحانه أجرين مثل ما لمؤمني أهل الكتاب، وقال الثعلبي : فأنزل الله تعالى :﴿ مّسْتَقِيمٍ يا أيها الذين ءامَنُواْ اتقوا الله ﴾ الآية فجعل لهم أجرين وزادهم النور ثم قال سبحانه :﴿ لّئَلاَّ يَعْلَمَ ﴾ الخ، وحاصله على هذا ليعلموا أنهم ليسوا ملاك فضله عز وجل فيزووه عن المؤمنين ويستبدوا به دونهم، وقوله تعالى :﴿ وَأَنَّ الفضل بِيَدِ الله ﴾ عطف على أن لا يقدرون داخل معه في حيز العلم، وقوله سبحانه :﴿ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء ﴾ خبر ثان لأن أو هو الخبر وما قبله على ما قيل : حال لازمة أو استئناف، وقوله عز وجل :﴿ والله ذُو الفضل العظيم ﴾ اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبله.
وذهب بعض إلى أن الخطاب لمن آمن من أهل الكتاب اليهود والنصارى أو لمن يؤمن منهم بعد، فالمعنى يا أيها الذين آمنوا بموسى وعيسى عليهما السلام آمنوا بمحمد ﷺ أي أثبتوا على الايمان به أو أحدثوا الايمان به عليه الصلاة والسلام يؤتكم نصيبين من رحمته نصيباً على إيمانكم بمن آمنتم به أولاً ونصيباً على إيمانكم بمحمد ﷺ آخراً ليعلم الذين لم يؤمنوا من أهل الكتاب أنهم لا ينالون شيئاً مما يناله المؤمنون منهم ولا يتمكنون من نيله حيث لم يأتوا بشرطه الذي هو الايمان برسوله ﷺ، وأيد ذلك بما في "صحيح البخاري"