هُوَ الثَّابِتُ بِذَاتِهِ، فَلَا يُغْلَبُ أَنْصَارُهُ مَا دَامُوا مُعْتَصِمِينَ بِهِ مُجْتَمِعِينَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ : إِنَّ هَذَا الْحُكْمَ يَصْدُقُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَمَا يَصْدُقُ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ ; لِأَنَّ الْغَرَضَ تَقْرِيرُ الْحُكْمِ وَهُوَ عَامٌّ كَمَا يَدُلُّ لَفْظُهُ، وَكَمَا يَلِيقُ بِعَدْلِ اللهِ تَعَالَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَكَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَعْقُولٌ مِنَ اطِّرَادِ سُنَّةِ اللهِ تَعَالَى فِي تَأْيِيدِ أَنْصَارِ الْحَقِّ وَخَذْلِ أَهْلِ الْبَاطِلِ فَإِنَّهَا وَاضِحَةٌ جَلِيَّةٌ لِلْمُتَأَمِّلِينَ.
كُلُّ ثَمَنٍ يُؤْخَذُ عِوَضًا عَنِ الْحَقِّ فَهُوَ قَلِيلٌ، إِنْ لَمْ يَكُنْ قَلِيلًا فِي ذَاتِهِ فَهُوَ قَلِيلٌ فِي جَنْبِ مَا يَفُوتُ آخَذَهُ مِنْ سَعَادَةِ الْحَقِّ الثَّابِتَةِ بِذَاتِهَا، وَالدَّائِمَةِ بِدَوَامِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْحَقِّ، وَلَوْ دَامَ لِلْمُبْطِلِ مَا يَتَمَتَّعُ بِهِ مِنْ ثَمَنِ الْبَاطِلِ إِلَى نِهَايَةِ الْأَجَلِ - وَمَا هُوَ إِلَّا
قَصِيرٌ - فَمَاذَا يَفْعَلُ وَقَدْ فَاتَتْهُ بِذَلِكَ سَعَادَةُ الرُّوحِ وَنَعِيمُ الْآخِرَةِ بِاخْتِيَارِهِ الْبَاطِلَ عَلَى الْحَقِّ (فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ) (٩ : ٣٨)


الصفحة التالية
Icon