لِذَاتِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لَأُوتُوا أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ، وَجَزَاءَهُمْ ضِعْفَيْنِ، وَكَانُوا أَئِمَّةً وَارِثِينَ وَسَادَةً عَالِينَ.
وَأَمَّا الَّذِينَ لَهُمْ مُلْكُهُمْ وَمَتَاعُهُمْ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ بِضَعْفِ حُقِّ الْإِسْلَامِ عَنْ بَاطِلِهِمْ، فَإِنَّ الَّذِينَ حَاوَلُوا فَتْحَ مَا وَرَاءَ الْأَنْدَلُسِ مِنْ أُورُبَّا لَمْ يَكُنْ غَرَضُهُمْ كُلِّهِمْ نَشْرَ دَعْوَةِ الْحَقِّ، إِنَّمَا كَانَ غَرَضُهُمْ عَظَمَةَ الْمُلْكِ وَالْغَنَائِمِ، وَلَيْسَ مِنَ الْحَقِّ أَنْ يَعْتَدِيَ قَوْمٌ عَلَى قَوْمٍ لِأَجْلِ سَلْبِ مَا فِي أَيْدِيهِمْ ; فَإِنَّ الْمُعْتَدِيَ مُبْطِلٌ، وَالْمُدَافِعَ مُحِقٌّ فِي الدِّفَاعِ عَنْ نَفْسِهِ وَبِلَادِهِ، وَإِنْ كَانَ مُبْطِلًا فِي عَمَلِهِ وَاعْتِقَادِهِ، فَهُوَ جَدِيرٌ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ الظَّفَرُ إِذَا أَخَذَ لَهُ أُهْبَتَهُ، وَأَعَدَّ لَهُ عُدَّتَهُ، وَقِسْ عَلَى هَذَا سَائِرَ الْمَمَالِكِ الَّتِي لَمْ يَقْوَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهَا بَعْدَ تَرْكِ الدَّعْوَةِ لِأَجْلِ الْهِدَايَةِ، وَالْإِسْلَامُ لَا يُبِيحُ الْحَرْبَ لِذَاتِهَا - وَقَدْ حَرَّمَ الِاعْتِدَاءَ - وَإِنَّمَا يُوجِبُ تَعْمِيمَ الدَّعْوَةِ إِلَى الْحَقِّ وَالْخَيْرِ، فَمَنْ عَارَضَهَا وَجَبَ جِهَادُهُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ حَتَّى يَقْبَلَهَا أَوْ يَكُونَ لِأَهْلِهَا السُّلْطَانُ الَّذِي يَتَمَكَّنُونَ بِهِ مِنْ نَشْرِهَا بِدُونِ مُعَارِضٍ ;


الصفحة التالية
Icon