قال الحرالي : ففيه أي الإيمان بهم وبما قبلهم قهر النفس للإذعان لمن هو من جنسها والإيمان بغيب من ليس من جنسها ليكون في ذلك ما يزع النفس عن هواها - انتهى. وكذا فضل سبحانه وتعالى الصدقة، وفي تعقيب الإيمان بها إشعار بأنها المصدقة له فمن بخل بها كان مدعياً للإيمان بلا بينة، وإرشاد إلى أن في بذلها سلامة من فتنة المال ﴿إنما أموالكم وأولادكم فتنة﴾ [التغابن : ١٥] لأن من آمن وتصدق كان قد أسلم لله روحه وماله الذي هو عديل روحه فصار عبد الله حقاً، وفي ذلك إشارة إلى الحث على مفارقة كل محبوب سوى الله سبحانه وتعالى في الله. قال الحرالي : فمن ظن أن حاجته يسدها المال فليس براً، إنما البر الذي أيقن أن حاجته إنما يسدها ربه ببره الخفي - انتهى. فلذلك قال :﴿وآتى المال﴾ أي الذي أباحه بعد جعله دليلاً عليه كرم نفس وتصديق إيمان بالاعتماد في الخلف على من ضمن الرزق وهو على كل شيء قدير ؛ وأشار إلى أن شرط الإيمان به إيثاره سبحانه وتعالى على كل شيء بقوله :﴿على حبه﴾ أي إيتاء عالياً فيه حب الله على حبه المال إشارة إلى التصدق في حال الصحة والشح بتأميل الغنى وخشية الفقر ؛ وأشار إلى أنه لوجهه لا لما كانوا يفعلونه في الجاهلية من التفاخر فقال :﴿ذوي القربى﴾ أي لأنهم أولى الناس بالمعروف لأن إيتاءهم صدقة وصلة ﴿واليتامى﴾ من ذوي القربى وغيرهم لأنهم أعجز الناس ﴿والمساكين﴾ لأنهم بعدهم في العجز ويدخل فيهم الفقراء بالموافقة ﴿وابن السبيل﴾ لعجزهم بالغربة، وإذا جعلنا ذلك أعم من الحال والمآل دخل فيه الغازي ﴿والسآئلين﴾ لأن الأغلب أن يكون سؤالهم عن حاجة ويدخل الغارم ﴿وفي الرقاب﴾ قال الحرالي : جمع رقبة وهو ما ناله الرق من بني آدم فالمراد الرقاب المسترقة التي يرام فكها بالكتابة وفك الأسرى منه، وقدم عليهم أولئك لأن حاجتهم لإقامة البينة.