قوله تعالى ﴿لَّيْسَ البر ﴾
قرأ حمزة وحفص عن عاصم ﴿لَّيْسَ البر﴾ بنصب الراء، والباقون بالرفع، قال الواحدي : وكلا القراءتين حسن لأن اسم ﴿لَّيْسَ﴾ وخبرها اجتمعا في التعريف فاستويا في كون كل واحد منهما اسماً، والآخر خبراً، وحجة من رفع ﴿البر﴾ أن اسم ﴿لَّيْسَ﴾ مشبه بالفاعل، وخبرها بالمفعول، والفاعل بأن يلي الفعل أولى من المفعول، ومن نصب ﴿البر﴾ ذهب إلى أن بعض النحويين قال :﴿أن﴾ مع صلتها أولى أن تكون اسم ﴿لَّيْسَ﴾ لشبهها بالمضمر في أنها لا توصف كما لا يوصف المضمر، فكان ههنا اجتمع مضمر ومظهر، والأولى إذا اجتمعا أن يكون المضمر الاسم من حيث كان أذهب في الاختصاص من المظهر، وعلى هذا قرىء في التنزيل قوله :﴿كَانَ عاقبتهما أَنَّهُمَا فِى النار﴾ [الحشر : ١٢] وقوله :﴿مَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَن قَالُواْ﴾ [الأعراف : ٨٢] ﴿وَمَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ﴾ [الجاثية : ٢٥] والاختيار رفع البر (١) ؛ لأنه روي عن ابن مسعود أنه قرأ :﴿لَّيْسَ البر بِأَنَّ﴾ والباء تدخل في خبر ليس. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ٣١﴾
(١) هذا القول فيه نظر لأن القراءة بنصب ﴿البر﴾ قراءة متواترة كالقراءة بالرفع. والله أعلم.