على أن من لم يقبل شيئا من أحكام اللّه منكرا صحته فهو كافر، وعليه فإن من يصلي بلا وضوء جاحدا فرضيته فهو كافر، وإلّا فيستحق العقاب، لأن اللّه أمره به عند الإقدام على الصّلاة كما سنبينه في الآية السّادسة من المائدة الآتية، وقد مر نهي الجنب عن الدّخول فيها في الآية ٢٣ من سورة النّساء، ولهذا عبّر ممن لم يتقيد بحدوده بالكافرين، وأعقبها بقوله عز قوله "إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ" بمخالفة أمرهما وانتهاك حرماتها ومعنى المحادة المعاداة والمشاقة للّه ورسوله "كُبِتُوا" أحزوا وذلّوا وهلكوا منكبين على وجوههم "كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ" بمعاداتهم اللّه ورسله رمشافقتهها هم "وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ" بمنع المخالفة والانقياد للشريعة والتباعد عن الشّقاق "وَلِلْكافِرِينَ" بها الجاحدين حقيقتها "عَذابٌ مُهِينٌ" (٥) لهم يشينهم مرآه بين النّاس في المشهد العظيم "يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً" للحساب "فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا" في دنياهم من خير
أو شر جهرا أو سرا مباحا أو حراما إذ أَحْصاهُ اللَّهُ" عليهم كله فحفظه في كتابهم وَنَسُوهُ مع أنهم اقترفوه لعدم مبالاتهم به "وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" بما يعمله خلقه لا يخفى عليه شيء من أعمالهم خفيها وعلانيتها كيف وهو القائل (إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) الآية ٢٨٥ من البقرة ولا تكون المحاسبة إلّا عن علم أي يعلمه ويحاسبكم عليه.