قال تعالى "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ" التي أنتم جالسون بها لقدوم غيركم عليها "فَافْسَحُوا" وسعوا لهم ليجلسوا بينكم لأن هذا من آداب المجالسة وكرم الأخلاق التي يهذبكم اللّه بها ويريدكم إليها ويأمركم بها فإذا فعلتم ذلك "يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ" في جميع أموركم من الأمكنة والأعمال والأرزاق وغيرها لاطلاق اللّفظ "وَإِذا قِيلَ" لكم أيها المؤمنون "انْشُزُوا" ارتفعوا وانهضوا عن مواقعكم ليجلس فيها إخوانكم القادمين عليكم الّذين يرى النّاس لهم فضلا من علم أو فصاحة أو أدب أو شجاعة أو أمارة أو فعل ما "فَانْشُزُوا" وأخلوا لهم مواضعكم وأكرموهم بالجلوس فيها ولا تضاموا أو تغضبوا، وليكن ذلك عن طيب قلب منكم محافظة على التفاضل الذي سنة اللّه في خلقه المنوه به في قوله "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ" على غيرهم بكثرة الطّاعة وامتثال الأوامر "وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ" كثيرة يرفعهم على غيرهم في الدّنيا والآخرة قال تعالى (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) الآية ٩ من سورة الزمر ج ٢، والآية ٢٥٤ من البقرة المارة، وهي مكررة في القرآن العظيم باللفظ وبالمعنى وهذا التفاضل نسبي بين النّاس أجمعين، حتى الأنبياء، قال تعالى (لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ) الآية ٥٦ من