وأخرج الترمذي مثله عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، وروى البغوي بسنده عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم مر بمجلسين في مسجده أحد المجلسين يدعون اللّه ويرغبون إليه، والآخر يتعلمون الفقه ويعلمونه، فقال كلا المجلسين على خير وأحدهما أفضل من صاحبه، أما هؤلاء فيدعون اللّه ويرغبون إليه، وأما هؤلاء فيتعلمون الفقه ويعلمونه الجاهل فهؤلاء أفضل.
وإنما بعثت معلما.
ثم جلس فيهم.
مطلب في تقديم الصّدقة عند مناجاة الرّسول وعفوها وبعض أحوال المنافقين في الدّنيا والآخرة :
قال تعالى "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ" أي إذا أردتم مناجاته والتكلم معه "فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً" أي قبل مناجاتكم له تصدقوا ثم ناجوه "ذلِكَ" التصدق قبل المناجاة لحضرته "خَيْرٌ لَكُمْ" في دينكم ودنياكم لما فيها من احترام الرّسول والثناء الحسن والأدب الوافر والأخلاق الكاملة والاعتراف بالفضل والمحبة الصّادقة لحضرته وفي آخرتكم لما فيها من طاعة اللّه ورسوله وامتثال أوامره عن طيب قلب "وَأَطْهَرُ" لأن الصدقة زكاة المال والمتصدق "فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا" ما تنصدقون به "فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (١٢) بعباده الفقراء، ومن رحمتة بهم عفوهم من تقديمها ولهم أن يناجوه بلا تصدق.
لما أكثر النّاس من سؤال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في الصّغيرة والكبيرة وشق ذلك عليه أراد اللّه تعالى أن يخفف عنه ويثبط النّاس عن ذلك فأمرهم