ولم تثنهم قراباتهم لهم عن عزمهم لأجل اللّه وصرفهم في اللّه فقتلوهم ابتغاء مرضاة الله وهذا من قوة إيمانهم بالله وشدة الصّدق لرسوله وغاية الوثوق بوعد اللّه ونهاية التمسك بنصرة اللّه رغبة فيما لهم عند اللّه وأمثال هؤلاء هم الّذين تكفل اللّه بنصرتهم ولو يوجد الآن من هؤلاء عصبة لما حل بالمسلمين ما حل من الذل والهوان والقتل والأسر والجلاء والاستيلاء على أوطانهم وأموالهم وذراريهم ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم.
اللهم ألهم أمة محمد رشدهم ووحد كلمتهم على الحق وانصرهم على عدوهم "أُولئِكَ" الّذين هذا شأنهم الّذين لا تأخذهم في اللّه قرابة ولا صداقة ولا لومة لا ثم في ارحم أو حبيب فيعادون من حادّ اللّه ورسوله ويوالون من والاهما ويحبون من وادّ اللّه ورسوله هؤلاء الأبرار المخلصون "كَتَبَ" الله وأثبت "فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ" للكامل الخالص "وَأَيَّدَهُمْ" قواهم وأعزّهم "بِرُوحٍ مِنْهُ" قذفه في قلوبهم فنورها وقوى عزائمهم وألقى الخوف في قلوب أعدائهم والرّعب فيمن يناوئهم فينصرهم في الدّنيا "وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ" في الآخرة "خالِدِينَ فِيها" لا يتحولون عنها أبدا إذ "رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ" الراضون المرضيون العاملون المخلصون هم "حِزْبُ اللَّهِ" المؤيد بتأييده المنصور بنصره "أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (٢٢) الناجحون الفائزون الرّابحون فيعملهم فليعمل العاملون وبأوصافهم فليتنافس المتنافسون اللّهم اجعلنا، منهم هذا واللّه أعلم وأستغفر اللّه ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم وصلّى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعهم وسلم. أ هـ ﴿بيان المعاني حـ ٦ صـ ٢٠١ ـ ٢١٤﴾