وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِنَّ الذين يُحَآدُّونَ الله وَرَسُولَهُ ﴾
لما ذكر المؤمنين الواقفين عند حدوده ذكر المحادين المخالفين لها.
والمحادة المعاداة والمخالفة في الحدود ؛ وهو مثل قوله تعالى :﴿ ذلك بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ الله وَرَسُولَهُ ﴾ [ الأنفال : ١٣ ].
وقيل :﴿ يُحَآدُّونَ الله ﴾ أي أولياء الله كما في الخبر :"من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة".
وقال الزجاج : المحادّة أن تكون في حدّ يخالف حدّ صاحبك.
وأصلها الممانعة ؛ ومنه الحديد، ومنه الحدّاد للبوّاب.
﴿ كُبِتُواْ ﴾ قال أبو عبيدة والأخفش : أهلكوا.
وقال قتادة : اخْزُوا كما أُخْزِي الذين من قبلهم.
وقال ابن زيد : عذبوا.
وقال السدي : لعنوا.
وقال الفراء : غيظوا يوم الخندق.
وقيل : يوم بدر.
والمراد المشركون.
وقيل : المنافقون.
﴿ كَمَا كُبِتَ الذين مِن قَبْلِهِمْ ﴾.
وقيل :"كُبِتُوا" أي سيكبتون، وهو بشارة من الله تعالى للمؤمنين بالنصر، وأخرج الكلام بلفظ الماضي تقريباً للمخبر عنه.
وقيل : هي بلغة مَذْحج.
﴿ وَقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ﴾ فيمن حادّ الله ورسوله من الذين قبلهم فيما فعلنا بهم.
﴿ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾.
قوله تعالى :﴿ يَوْمَ ﴾ نصب ب "عَذَابٍ مُهِينٍ" أو بفعل مضمر تقديره واذكر تعظيماً لليوم.
﴿ يَبْعَثُهُمُ الله جَمِيعاً ﴾ أي الرجال والنساء يبعثهم من قبورهم في حالة واحدة ﴿ فَيُنَبِّئُهُمْ ﴾ أي يخبرهم ﴿ بِمَا عملوا ﴾ في الدنيا ﴿ أَحْصَاهُ الله ﴾ عليهم في صحائف أعمالهم ﴿ وَنَسُوهُ ﴾ هم حتى ذكرهم به في صحائفهم ليكون أبلغ في الحجة عليهم.
﴿ والله على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ مطّلع وناظر لا يخفى عليه شيء. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٧ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon