ولما كان المشهور عنهم أنهم يخفون ذلك جهدهم ويعلنون بإملاء الله لهم أن رسول الله ـ ﷺ ـ لا يطلع عليه، وإن اطلع عليه لم يقدر على أن ينتقم منهم، عبر عن ذلك بقوله :﴿ويقولون﴾ أي عند الاستدراج بالإملاء مجددين قولهم مواظبين عليه ﴿في أنفسهم﴾ من غير أن يطلعوا عليه أحداً :﴿لولا﴾ أي هلا ولم لا ﴿يعذبنا الله﴾ أي الذي له الإحاطة بكل شيء على زعم من باهانا ﴿بما نقول﴾ مجددين مع المواظبة إن كان يكرهه - كما يقول محمد ـ ﷺ ـ.
ولما تضمن هذا علمه سبحانه وتعالى بهذه الجزئية من هؤلاء القوم ثبت بذلك علمه سبحانه بجميع ما في الكون، لأن نسبة الكل إليه على حد سواء، فإذا ثبت علمه بالبعض ثبت علمه بالكل فثبتت قدرته على الكل فكان على كل شيء شهيداً، قال مهدداً لهم مشيراً إلى أنه لا ينبغي لأحد أن يقول مثل هذا إلا إن كان قاطعاً بأنه لا يحصل له عذاب، أو يحصل له منه ما لا يبالي به ثم يرده بقوته :﴿حسبهم﴾ أي كفايتهم في الانتقام منهم وفي عذابهم ورشقهم بسهام لهيبها ومنكئ شررها وتصويب صواعقها ﴿جهنم﴾ أي الطبقة التي تلقاهم بالتجهم والعبوسة والتكره والفظاظة.
فإن حصل لهم في الدنيا عذاب كان زيادة على الكفاية، فاستعجالهم بالعذاب محض رعونة ﴿يصلونها﴾ أي يقاسون عذابها دائماً إني أعددتها لهم.