قرأ حمزة وحده، ( ويتنجون ) بغير ألف، والباقون :﴿يتناجون﴾، قال أبو علي : ينتجون يفتعلون من النجوى، والنجوى مصدر كالدعوى والعدوى، فينتجون ويتناجون واحد، فإن يفتعلون، ويتفاعلون، قد يجريان مجرى واحد، كما يقال : ازدوجوا، واعتوروا، وتزاوجوا وتعاوروا، وقوله تعالى :﴿حَتَّى إِذَا اداركوا فِيهَا﴾ [ الأعراف : ٣٨ ] وادركوا فادركوا افتعلوا، وادركوا تفاعلوا وحجة من قرأ :﴿يتناجون﴾، قوله :﴿إِذَا ناجيتم الرسول﴾ [ المجادلة : ١٢ ] ﴿وتناجوا بالبر والتقوى﴾ [ المجادلة : ٩ ] فهذا مطاوع ناجيتم، وليس في هذا رد لقراءة حمزة : ينتجون، لأن هذا مثله في الجواز، وقوله تعالى :﴿ومعصية الرسول﴾ قال صاحب الكشاف : قرىء ( ومعصيات الرسول )، والقولان ههنا كما ذكرناه في الإثم والعدوان وقوله :﴿وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيّكَ بِهِ الله﴾ يعني أنهم يقولون في تحيتك : السام عليك يا محمد والسام الموت، والله تعالى يقول :﴿وسلام على عِبَادِهِ الذين اصطفى﴾ [ النمل : ٥٩ ] و ﴿يا أيها الرَّسُول﴾ و ﴿يا أيها النبي﴾ ثم ذكر تعالى أنهم ﴿يَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذّبُنَا الله بِمَا نَقُولُ﴾ يعني أنهم يقولون في أنفسهم : إنه لو كان رسولاً فلم لا يعذبنا الله بهذا الاستخفاف.
ثم قال تعالى :﴿حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ المصير﴾ والمعنى أن تقدم العذاب إنما يكون بحسب المشيئة، أو بحسب المصلحة، فإذا لم تقتض المشيئة تقديم العذاب، ولم يقتض الصلاح أيضاً ذلك، فالعذاب في القيامة كافيهم في الردع عما هم عليه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٩ صـ ٢٣١ ـ ٢٣٢﴾


الصفحة التالية
Icon