ولما ذكر الحكم، بين علته ترغيباً فيه فقال :﴿ذلك﴾ أي الترخيص العظيم لكم والرفق بكم والبيان الشافي من أمر الله الذي هو موافق للحنيفية السمحة ملة أبيكم إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان ﴿لتؤمنوا﴾ أي وهذا الفعل العظيم الشاق ليتجدد إيمانكم ويتحقق وجوده ﴿بالله﴾ أي الملك الذي لا أمر لأحد معه فتطيعوه بالانسلاخ من فعل الجاهلية ﴿ورسوله﴾ الذي تعظيمه من تعظيمه وقد بعث بملة أبيه إبراهيم عليهما الصلاة والسلام، فلو ترك هذا الحكم الشديد على ما كان عليه في الجاهلية لكان مشككاً في البعث بتلك الملة السمحة.
ولما رغب في هذا الحكم، رهب من التهاون به فقال :﴿وتلك﴾ أي هذه الأفعال المزكية وكل ما سلف من أمثالها في هذا الكتاب الأعظم ﴿حدود الله﴾ أي أوامر الملك الأعظم ونواهيه وأحكامه التي يجب امتثالها والتقيد بها لترعى حق رعايتها فالتزموها وقفوا عندها ولا تعتدوها فإنه لا يطاق انتقامه إذا تعدى نقضه أو إبرامه.
ولما كان التقدير : فللمؤمنين بها جنات النعيم، عطف عليه قوله ﴿وللكافرين﴾ أي العريقين في الكفر بها أو بشيء من شرائعه ﴿عذاب أليم﴾ بما آلموا المؤمنين به من الاعتداء. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٧ صـ ٤٨٢ ـ ٤٨٦﴾