لفظ ﴿مَا قَالُواْ﴾ في قوله :﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ﴾ فيه وجهان أحدهما : أنه لفظ الظهار، والمعنى أنهم يعودون إلى ذلك اللفظ والثاني : أن يكون المراد بقوله :﴿لِمَا قَالُواْ﴾ المقول فيه، وهو الذي حرموه على أنفسهم بلفظ الظهار، تنزيلاً للقول منزلة المقول فيه، ونظيره قوله تعالى :﴿وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ﴾ [ مريم : ٨٠ ] أي ونرثه المقول، وقال عليه السلام :" العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه " وإنما هو عائد في الموهوب، ويقول الرجل : اللهم أنت رجاؤنا، أي مرجونا، وقال تعالى :﴿واعبد رَبَّكَ حتى يَأْتِيَكَ اليقين﴾ [ الحجر : ٩٩ ] أي الموقن به، وعلى هذا معنى قوله :﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ﴾ أي يعودون إلى الشيء الذي قالوا فيه ذلك القول، ثم إذا فسرنا هذا اللفظ بالوجه الأول فنقول : قال أهل اللغة، يجوز أن يقال : عاد لما فعل، أي فعله مرة أخرى، ويجوز أن يقال : عاد لما فعل، أي نقض ما فعل، وهذا كلام معقول، لأن من فعل شيئاً ثم أراد أن يقال مثله، فقد عاد إلى تلك الماهية لا محالة أيضاً، وأيضاً من فعل شيئاً ثم أراد إبطاله فقد عاد إليه، لأن التصرف في الشيء بالإعدام لا يمكن إلا بالعود إليه.
المسألة الثالثة :