وقال أبو السعود فى الآيات السابقة :
وَقولُه تَعَالَى :﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا فِى السموات وَمَا فِي الأرض ﴾
استشهادٌ على شمولِ شهادتِهِ تَعَالَى كَمَا فِي قولِهِ تَعَالى :﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الذى حَاجَّ إبراهيم فِى رِبّهِ ﴾ وَفِي قَوْلِهِ تَعَالى :﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِى كُلّ وَادٍ يَهِيمُونَ ﴾ أي ألمْ تَعلمْ علماً يقينياً متاخماً للمشاهدةِ بأنَّه تَعَالى يعلمُ مَا فِيهمَا مِنَ الموجوداتِ سواءٌ كانَ ذلكَ بالاستقرارِ فيهمَا أو بالجزئيةِ منهُمَا وَقَوْلُه تعالى :﴿ مَا يَكُونُ مِن نجوى ثلاثة ﴾ الخ استئنافٌ مقررٌ لِمَا قَبْلَهُ من سعةِ علمِهِ تَعَالى وَمُبينٌ لكيفيتهِ ويكونُ منْ كانَ التامةِ وقُرىءَ تكونُ بالتاءِ اعتباراً لتأنيثِ النَّجوى وإنْ كانَ غَيْرَ حقيقيَ أيْ ما يقعُ من تناجي ثلاثةِ نفرٍ أي منْ مسارتهم على أنَّ نَجْوى مضافةٌ إلى ثلاثةٍ أوْ عَلَى أَنَّها موصوفةٌ بِها إمَّا بتقديرِ مضافٍ أيْ منْ أهلِ نَجْوى ثلاثةٍ أو يجعلهُمْ نَجْوى فِي أنفسهِم مبالغةً ﴿ إِلاَّ هُوَ ﴾ أي الله عزَّ وجلَّ :﴿ رَّابِعُهُمْ ﴾ أيْ جاعلُهم أربعةً منْ حيثُ إنَّه تعالَى يشاركهُمْ فِي الاطلاعِ عَلَها وهُوَ استثناءٌ مفرعٌ مِنْ أعمِّ الأحوالِ ﴿ وَلاَ خَمْسَةٍ ﴾ ولا نجوَى خمسةٍ ﴿ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ ﴾ وتخصيصُ العدَدينِ بالذكرِ إما لخصوصِ الواقعةِ فإنَّ الآيةَ نزلتْ في تناجي المنافقينَ وإمَّا لِبناءِ الكلامِ عَلى أغلبِ عاداتِ المتناجينَ وقدُ عممَ الحكمَ بعدَ ذلكَ فقيلَ :﴿ وَلاَ أدنى مِن ذَلِكَ ﴾ أيْ ممَّا ذُكرَ كالواحدِ والاثنينِ ﴿ وَلاَ أَكْثَرَ ﴾ كالستةِ وما فوقَها ﴿ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ ﴾ يعلمُ مَا يَجْرِي بينَهم وقُرِىءَ ولاَ أكثرُ بالرفعِ عطفاً عَلى محلِ منْ نَجْوى أو محلِ ولا أدْنَى بأنْ جُعِلَ لاَ لنفي الجنس ﴿ أَيْنَ مَا كَانُواْ ﴾ من الأماكنِ ولو كانُوا تحتَ الأرضِ فإنَّ علمَهُ تعالىَ بالأشياءِ ليسَ لقربٍ مكانيَ حتَّى يتفاوت باختلافِ الأمكنةِ قُرباً وبُعداً ﴿ ثُمَّ يُنَبّئُهُم ﴾ وقُرِىءَ


الصفحة التالية
Icon