وصرح بعض الأجلة أن الحوذ في الأصل السوق والجمع، وفي "القاموس" تقييد السوق بالسريع ثم أطلق على الاستيلاء، ومثله الأحواذ والأحوذي، وهو كما قال الأصمعي : المشمر في الأمور القاهر لها الذي لا يشذ عنه منها شيء، ومنه قول عائشة في عمر رضي الله تعالى عنهما كان أحوذياً نسيج وحده مأخوذ من ذلك، واستحوذ مما جاء على الأصل في عدم إعلاله على القياس إذ قياسه استحاذ بقلب الواو ألفاً كما سمع فيه قليلاً، وقرأ به هنا أبو عمرو فجاء مخالفاً للقياس كاستنوق.
واستصوب وإن وافق الاستعمال المشهور فيه، ولذا لم يخل استعماله بالفصاحة، وفي استفعل هنا من المبالغة ما ليس في فعل ﴿ فأنساهم ذِكْرَ الله ﴾ في معنى لم يمكنهم من ذكره عز وجل بما زين لهم من الشهوات فهم لا يذكرونه أصلاً لا بقلوبهم ولا بألسنتهم ﴿ أولئك ﴾ الموصوفون بما ذكر من القبائح ﴿ حِزْبُ الشيطان ﴾ أي جنوده وأتباعه.
﴿ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشيطان هُمُ الخاسرون ﴾ أي الموصوفون بالخسران الذي لا غاية وراءه حيث فوّتوا على أنفسهم النعيم المقيم وأخذوا بدله العذاب الأليم، وفي تصدير الجملة بحرفي التنبيه والتحقيق وإظهار المتضايفين معاً في موقع الإضمار بأحد الوجهين، وتوسيط ضمير الفصل من فنون التأكيد ما لا يخفى.
﴿ إِنَّ الذين يُحَادُّونَ الله وَرَسُولَهُ ﴾ استئناف مسوق لتعليل ما قبله من خسران حزب الشيطان عبر عنهم بالموصول ذماً لهم بما في حيز الصلة وإشعاراً بعلة الحكم ﴿ أولئك ﴾ الموصوفون بما ذكر ﴿ فِى الاذلين ﴾ أي في جملة من هو أذل خلق الله عز وجل من الأولين والآخرين معدودون في عدادهم لأن ذلة أحد المتخاصمين على مقدار عزة الآخر وحيث كانت عزة الله عز وجل غير متناهية كانت ذلة من حادّة كذلك. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٢٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon