ولما بين أنها منه، بين الحامل له على تزيينها فقال :﴿ليحزن﴾ أي الشيطان ليوقع الحزن في قلوب ﴿الذين آمنوا﴾ أي يتوهمهم أنهم بسبب شيء وقع ما يؤذيهم، والحزن : هم غليظ وتوجع يرق له القلب، حزنه وأحزنه بمعنى، وقال في القاموس : أو أحزنه : جعله حزيناً، وحزنه : جعل فيه حزناً.
فعلى هذا قراءة نافع من أحزن أشد في المعنى من قراءة الجماعة.
ولما كان ربما خيل هذا من من في قلبه مرض أن في يد الشيطان شيئاً من الأشياء، سلب ذلك بقوله :﴿وليس﴾ أي الشيطان وما حمل عليه من التناجي، وأكد النفي بالجار فقال :﴿بضارّهم﴾ أي الذين آمنوا ﴿شيئاً﴾ من الضرر وإن قل وإن خفي - بما أفهمه الإدغام ﴿إلا بإذن الله﴾ أي تمكين الملك المحيط بكل شيء علماً وقدرة، روى الشيخان عن ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ أن النبي ـ ﷺ ـ قال :" إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث إلا بإذنه فإن ذلك يحزنه " ولما كان التقدير : فقد علم أنه لا يخشى أحد غير الله لأنه لا ينفذ إلا ما أراده، فإياه فليخش المربوبون، عطف عليه قوله :﴿وعلى الله﴾ أي الملك الذي لا كفوء له، لا على أحد غيره ﴿فليتوكل المؤمنون﴾ أي الراسخون في الإيمان في جميع أمورهم، فإنه القادر وحده على إصلاحها وإفسادها، ولا يحزنوا من أحد أن يكيدهم بسره ولا بجهره، فإنه إذا توكلوا عليه وفوضوا أمورهم إليه، لم يأذن في حزنهم، وإن لم يفعلوا أحزنهم، وخص الراسخين لإمكان ذلك منهم في العادة، وأما أصحاب البدايات فلا يكون ذلك منهم إلا خرق عادة. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٧ صـ ٤٩٤ ـ ٤٩٥﴾