المعنى أن من أنعم الله عليه بهذه النعمة العظيمة كيف يمكن أن يحصل في قلبه مودة أعداء الله، واختلفوا في المراد من قوله :﴿كتب﴾ أما القاضي فذكر ثلاثة أوجه على وفق قول المعتزلة أحدها : جعل في قلوبهم علامة تعرف بها الملائكة ما هم عليه من الإخلاص وثانيها : المراد شرح صدورهم للإيمان بالألطاف والتوفيق وثالثها : قيل في :﴿كتب﴾ قضى أن قلوبهم بهذا الوصف، واعلم أن هذه الوجوه الثلاثة نسلمها للقاضي ونفرع عليها صحة قولنا، فإن الذي قضى الله به أخبر عنه وكتبه في اللوح المحفوظ، لو لم يقع لانقلب خبر الله الصدق كذباً وهذا محال، والمؤدي إلى المحال محال، وقال أبو علي الفارسي معناه : جمع، والكتيبة : الجمع من الجيش، والتقدير أولئك الذين جمع الله في قلوبهم الإيمان، أي استكملوا فلم يكونوا ممن يقولون :﴿نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ﴾ [ النساء : ١٥٠ ] ومتى كانوا كذلك امتنع أن يحصل في قلوبهم مودة الكفار، وقال جمهور أصحابنا :﴿كتَب﴾ معناه أثبت وخلق، وذلك لأن الإيمان لا يمكن كتبه، فلا بد من حمله على الإيجاد والتكوين.
المسألة الثانية :