ولما كان القوي من المخلوقات قد يكون غيره أقوى من غيره ولو في وقت، نفى ذلك بقوله :﴿عزيز﴾ أي غالب غلبة لا يجد معها المغلوب نوع مدافعة وانفلات، ثابت له هذا الوصف دائماً.
ولما ظهر بهذا كالشمس أن من والاه سبحانه كان فائزاً، ومن عاداه كان خاسراً، كانت نتيجته قطعاً التحذير من موالاة أعداء الله في سياق النفي المفيد للمبالغة في النهي عنه والزجر عن قربانه فقال :﴿لا تجد﴾ أي بعد هذا البيان ﴿قوماً﴾ أي ناساً لهم قوة على ما يريدون محاولته ﴿يؤمنون﴾ أي يجددون الإيمان ويديمونه ﴿بالله﴾ أي الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى ﴿واليوم الآخر﴾ الذي هو موضع الجزاء لكل عامل بكل ما عمل، الذي هو محط الحكمة ﴿يوادون﴾ أي يحصل منهم ودل لا ظاهراً ولا باطناً - بما أشار إليه الإدغام وأقله الموافقة في المظاهرة ﴿من حاد الله﴾ أي عادى بالمناصبة في الحدود الملك الأعلى لذلك فالمحادة لا تخفى وإن كانت باطنة يستتر بها زيادة النفرة منهم ﴿ورسوله﴾ فإن من حاده فقد حاد الذي أرسله، بل لا تجدهم إلا يحادونهم، لا أنهم يوادونهم، وزاد ذلك تأكيداً بقوله :﴿ولو كانوا آباءهم﴾ الذين أوجب الله على الأبناء طاعتهم بالمعروف، وذلك كما فعل أبو عبيدة عامر بن الجراح ـ رضى الله عنه ـ، قتل أباه عبد الله بن الجرح يوم أحد ﴿أو آبناءهم﴾ الذي جبلوا على محبتهم ورحمتهم كما فعل أبو بكر ـ رضى الله عنه ـ فإنه دعا ابنه يوم بدر إلى المبارزة، وقال : دعني يا رسول الله أكن في الرعلة الأولى، فقال له رسول الله ـ ﷺ ـ :