وقال القرطبى :
﴿ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) ﴾
تقدم.
قوله تعالى :﴿ هُوَ الذي أَخْرَجَ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الحشر ﴾
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى :﴿ هُوَ الذي أَخْرَجَ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب مِن دِيَارِهِمْ ﴾ قال سعيد بن جبير : قلت لابن عباس : سورة الحشر؟ قال : قل سورة النَّضِير ؛ وهم رهط من اليهود من ذُرّية هارون عليه السلام، نزلوا المدينة في فِتن بني إسرائيل انتظاراً لمحمد ﷺ، وكان من أمرهم ما نصّ الله عليه.
الثانية : قوله تعالى :﴿ لأَوَّلِ الحشر ﴾ الحشرُ الجمعُ ؛ وهو على أربعة أوجه : حشران في الدنيا وحشران في الآخرة ؛ أما الذي في الدنيا فقوله تعالى :﴿ هُوَ الذي أَخْرَجَ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الحشر ﴾ قال الزهريّ : كانوا من سبطٍ لم يصبهم جلاء، ( وكان الله عز وجلّ قد كتب عليهم الجلاء ؛ فلولا ذلك لعذبهم في الدنيا ) وكان أولُ حشْر حُشِروا في الدنيا إلى الشام.
قال ابن عباس وعكرمة : من شك أن المحشر في الشام فليقرأ هذه الآية : وأن النبي ﷺ قال لهم :" "اخرجوا" قالوا إلى أين؟ قال :"إلى أرض المحشر" " قال قتادة : هذا أوّل المحشر.
قال ابن عباس : هم أول من حشر من أهل الكتاب وأُخرج من دياره.
وقيل : إنهم أخرجوا إلى خَيْبر، وأن معنى ﴿ لأَوَّلِ الحشر ﴾ إخراجهم من حصونهم إلى خيبر، وآخره إخراج عمر رضي الله عنه إياهم من خَيْبر إلى نجد وأذرِعات.
وقيل تيماء وأريحاء، وذلك بكفرهم ونقض عهدهم.
وأما الحشر الثاني : فحشرهم قرب القيامة.
قال قتادة : تأتي نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، تَبِيت معهم حيث باتوا، وتَقِيل معهم حيث قالوا، وتأكل منهم من تخلّف.


الصفحة التالية
Icon