وقيل : إن موسى عليه السلام كان قد أرسلهم إلى قتل العماليق، وقال لهم : لا تستحيوا منهم أحداً فذهبوا ولم يفعلوا وعصوا موسى عليه السلام فلما رجعوا إلى الشام وجدوه قد مات عليه السلام فقال لهم بنو إسرائيل : أنتم عصاة الله تعالى والله لادخلتم علينا بلادنا فانصرفوا إلى الحجاز إلى أن كان ماكان، وروي عن الحسن أنهم بنو قريظة وهو وهم كما لا يخفى، والجار الأول : متعلق بمحذوف أي كائنين من أهل الكتاب، والثاني : متعلق بأخرج وصحت إضافة الديار إليهم لأنهم كانوا نزلوا برية لا عمران فيها فبنوا فيها وسكنوا، وضمير ﴿ هُوَ ﴾ راجع إليه تعالى بعنوان العزة والحكمة إما بناءاً على كمال ظهور اتصافه تعالى بهما مع مساعدة تامة من المقام، أو على جعلن مستعاراً لاسم الإشارة كما في قوله تعالى :﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ الله سَمْعَكُمْ وأبصاركم وَخَتَمَ على قُلُوبِكُمْ مَّنْ إله غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِهِ ﴾ [ الأنعام : ٤٦ ] أي بذلك فكأنه قيل : ذلك المنعوت بالعزة والحكمة الذي أخرج الخ، ففيه إشعار بأن في الإخراج حكمة باهرة، وقوله تعالى :﴿ لاِوَّلِ الحشر ﴾ متعلق بأخرج واللام لام التوقيت كالتي في قولهم : كتبته لعشر خلون، ومآلها إلى معنى في الظرفية، ولذا قالوا هنا أي في أول الحشر لكنهم لم يقولوا : إنها بمعنى في إشارة إلى أنها لم تخرج عن أصل معناها وأنها للاختصاص لأن ما وقع في وقت اختص به دون غيره من الأوقات، وقيل : إنها للتعليل وليس بذاك، ومعنى أول الحشر أن هذا أول حشرهم إلى الشام أي أول ما حشروا وأخرجوا، ونبه بالأولية على أنهم لم يصبهم جلاء قبل ولم يجلهم بختنصر حين أجلى اليهود بناءاً على أنهم لم يكونوا معهم إذ ذاك وإن نقلهم من بلاد الشام إلى أرض العرب كان باختيارهم، أو لم يصبهم ذلك في الإسلام، أو على أنهم أول محشورين من أهل الكتاب من جزيرة العرب إلى الشام، ولا نظر في ذلك إلى مقابلة الأول


الصفحة التالية
Icon