صلى الله عليه وسلم ـ للمقاتلة لأنه حصل بالرعب الحاصل للكفار منهم كأربعة أخماس الغنيمة التي حصلت بقتالهم.
ولما كانت قدرته سبحانه عامة بالتسليط وغيره، أظهر ولم يضمر فقال :﴿والله﴾ أي الملك الذي له الكمال كله ﴿على كل شيء﴾ أي أي شيء يصح أن تتعلق المشيئة به وهو كل ممكن من التسليط وغيره ﴿قدير﴾ أي بالغ القدرة إلى أقصى الغايات، والآية تدل على أن إيجاف الخيل والركاب وقصد العدو إلى الأماكن الشاسعة له وقع كبير في النفوس ورعب عظيم.
ولما نزع سبحانه أموالهم من أيدي الجيش، بين مصرف غيرها مما كان مثلها بأن فتح له ـ ﷺ ـ بغير قتال فقال مستأنفاً جواباً لمن كأنه قال : هل يعم هذا الحكم كل فيء يكون بعد بني النضير :﴿ما أفاء الله﴾ أي الذي اختص بالعزة والحكمة والقدرة ﴿على رسوله﴾ ولما كان سبحانه محيط العلم بأنه يسلط على أهل وادي القرى وغيرهم أعظم من هذا التسليط، قال ليكون علماً من أعلام النبوة :﴿من أهل القرى﴾ أي قرية بني النضير وغيرها من وادي القرى والصفراء وينبع وما هنالك من قرى العرب التي تسمى قرى عربية ﴿فالله﴾ أي الملك الأعلى الذي الأمر كله بيده ﴿وللرسول﴾ لأنه أعظم خلقه، فرتبته تلي رتبته، وهذان يتراءى أنهما قسمان وليس كذلك، هما قسم واحد، ولكنه ذكر سبحانه نفسه المقدس تبركاً، فإن كل أمر لا يبدأ به فهو أجذم، وتعظيماً لرسوله ـ ﷺ ـ إعلاماً بأنه لا هوى له أصلاً في شيء من الدنيا، وإنما رضاه رضا مولاه، خلقه القرآن الذي هو صفة الله فهو مظهره ومجلاه، وسهمه ـ ﷺ ـ يصرف بعده لمصالح المسلمين كالسلاح والثغور والعلماء والقضاة والأئمة.