ولما كان التقدير : فافعلوا ما أمرتكم من قسمته لمن أمرت به، عطف عليه قوله :﴿وما﴾ أي وكل شيء ﴿آتاكم﴾ أي أحضر إليكم وأمكنكم منه ﴿الرسول﴾ أي الكامل في الرسلية من هذا وغيره ﴿فخذوه﴾ أي فتقبلوه تقبل من حازه ﴿وما نهاكم عنه﴾ من جميع الأشياء ﴿فانتهوا﴾ لأنه لا ينطق عن الهوى ولا يقول ولا يفعل إلا ما أمره به الله ربه، فمن قبل ذلك هانت عليه الأمور كما ورد ( القرآن صعب مستصعب على من تركه ميسر على من طلبه وتبعه ) روي أن الآية نزلت في ناس من الأنصار قالوا : لنا من هذه القرى سهمنا.
ولما كان الكف عما ألفته النفوس صعباً، ولا سيما ما كان مع كونه تمتعاً بمال على وجه الرئاسة، رهب من المخالفة فيه بقوله :﴿واتقوا الله﴾ أي اجعلوا لكم بطاعة رسول الله ـ ﷺ ـ وقاية من عذاب الملك الأعظم المحيط علماً وقدرة، وعلل ذلك بقوله، معظماً له بإعادة الجلالة مؤكداً لأن فعل المخالف فعل المنكر :﴿إن الله﴾ أي الذي له وحده الجلال والإكرام على الإطلاق ﴿شديد العقاب﴾ أي العذاب الواقع بعد الذنب، ومن زعم أن شيئاً مما في هذه السورة نسخ بشيء مما في سورة الأنفال فقد أخطأ، لأن الأنفال نزلت في بدر وهي قبل هذه بمدة. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٧ صـ ٥١٥ ـ ٥٢٣﴾


الصفحة التالية
Icon