وقال أبو حيان فى الآيات السابقة :
﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ﴾
﴿ للفقراء ﴾، قال الزمخشري : بدل من قوله :﴿ ولذي القربى ﴾، والمعطوف عليه والذي منع الإبدال من ﴿ لله وللرسول ﴾، والمعطوف عليهما، وإن كان المعنى لرسول الله ( ﷺ )، أن الله عز وجل أخرج رسوله من الفقراء في قوله :﴿ وينصرون الله ورسوله ﴾، وأنه يترفع برسول الله ( ﷺ ) عن التسمية بالفقير، وأن الإبدال على ظاهر اللفظ من خلاف الواجب في تعظيم الله عز وعلا. انتهى.
وإنما جعله الزمخشري بدلاً من قوله :﴿ ولذي القربى ﴾، لأنه مذهب أبي حنيفة، والمعنى إنما يستحق ذو القربى الفقير.
فالفقر شرط فيه على مذهب أبي حنيفة، ففسره الزمخشري على مذهبه.
وأما الشافعي، فيرى أن سبب الاستحقاق هو القرابة، فيأخذ ذو القربى الغني لقرابته.
وقال ابن عطية :﴿ للفقراء المهاجرين ﴾ بيان لقوله :﴿ والمساكين وابن السبيل ﴾، وكررت لام الجر لما كانت الأولى مجرورة باللام، ليبين بين الأغنياء منكم، أي ولكن يكون للفقراء. انتهى.
ثم وصف تعالى المهاجرين بما يقتضي فقرهم ويوجب الإشفاق عليهم.
﴿ أولئك هم الصادقون ﴾ : أي في إيمانهم وجهادهم قولاً وفعلاً.
والظاهر أن قوله :﴿ والذين تبوؤا ﴾ معطوف على المهاجرين، وهم الأنصار، فيكون قد وقع بينهم الاشتراك فيما يقسم من الأموال.
وقيل : هو مستأنف مرفوع بالابتداء، والخبر ﴿ يحبون ﴾.
أثنى الله تعالى بهذه الخصال الجليلة، كما أنثى على المهاجرين بقوله :﴿ يبتغون فضلاً ﴾ الخ، والإيمان معطوف على الدار، وهي المدينة، والإيمان ليس مكاناً فيتبوأ.
فقيل : هو من عطف الجمل، أي واعتقدوا الإيمان وأخلصوا فيه، قاله أبو عليّ، فيكون كقوله :
علفتها تبناً وماء بارداً...