فصل


قال الفخر :
﴿ كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا ﴾
أي مثلهم كمثل أهل بدر في زمان قريب فإن قيل : بم انتصب ﴿قَرِيبًا﴾، قلنا : بمثل، والتقدير كوجود مثل أهل بدر.
﴿قَرِيباً ذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ﴾ أي سوء عاقبة كفرهم وعداوتهم لرسول الله من قولهم : كلأ وبيل أي وخيم سيىء العاقبة يعني ذاقوا عذاب القتل في الدنيا ﴿وَلَهُمْ فِى الآخرة عَذَابُ أَلِيمٌ ﴾.
ثم ضرب لليهود والمنافقين مثلاً فقال :
كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (١٦)
أي مثل المنافقين الذين غروا بني النضير بقولهم :﴿لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ﴾ [ الحشر : ١١ ] ثم خذلوهم وما وفوا بعهدهم :﴿كَمَثَلِ الشيطان إِذْ قَالَ للإنسان اكفر﴾ ثم تبرأ منه في العاقبة، والمراد إما عموم دعوة الشيطان إلى الكفر، وإما إغواء الشيطان قريشاً يوم بدر بقوله :﴿لاَ غَالِبَ لَكُمُ اليوم مِنَ الناس وَإِنّي جَارٌ لَّكُمْ﴾ إلى قوله ﴿إِنّي بَرِىء مّنْكُمْ﴾ [ الأنفال : ٤٨ ].
ثم قال :
فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (١٧)
وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :
قال مقاتل : فكان عاقبة المنافقين واليهود مثل عاقبة الشيطان والإنسان حيث صارا إلى النار.
المسألة الثانية :
قال صاحب الكشاف : قرأ ابن مسعود ( خالدان فيها )، على أنه خبران، و ( في النار ) لغو، وعلى القراءة المشهورة الخبر هو الظرف ﴿وخالدين فيها﴾ حال، وقرىء :﴿عاقبتهما﴾ بالرفع، ثم قال :﴿وَذَلِكَ جَزَاءُ الظالمين﴾ أي المشركين، لقوله تعالى :﴿إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [ لقمان : ١٣ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٩ صـ ٢٥٢ ـ ٢٥٣﴾


الصفحة التالية
Icon